آداب الصوم في وصايا النبي وآله

أكثر ما يؤثر في الصوم ويقلل من شأنه ومكانته هو الكلام السئ.. ولعل من أخطر أمراض العصر ابتذال الكلمة ونزع قيمتها وشرفها، وإهدار كرامتها ومسؤوليتها، حتى أصبحت أداة للامتهان والسقوط، وراح أهل الجهل يطالون بها الله والأنبياء والأولياء، فضلاً عن استعمالها في السباب والشتيمة وتجريح الآخرين دون رادع أو زاجر.
وقد ترك لنا أهل بيت النبوة عليهم السلام تراثاً من الأدب الرفيع في معاني الصوم وكماله. وقد رسم الإمام الصادق عليه السلام ملامح هذا الأدب – فيما ورد عنه – أنه قال: (إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، إنما للصوم شرطٌ يحتاج أن يُحفظ حتى يتمّ الصوم، وهو صمت الداخل، أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران: (إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا) يعني صمتاً. فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضّوا أبصاركم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا، ولا تغتابوا، ولا تماروا، ولا تكذبوا، ولا تباشروا، ولا تخالفوا، ولا تغاضبوا، ولا تسابّوا، ولا تشاتموا، ولا تفاتروا، ولا تجادلوا، ولا تتأذّوا، ولا تظلموا، ولا تسافهوا، ولا تضاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة. والزموا الصمت والسكوت، والحلم والصبر والصدق، ومجانبة أهل الشرّ، واجتنبوا قول الزور والكذب والفري والخصومة، وظنّ السوء والغيبة والنميمة. وكونوا مشرفين على الآخرة، منتظرين لأيامكم، منتظرين لما وعدكم الله، متزودين للقاء الله، وعليكم السكينة والوقار والخشوع والخضوع وذلّ العبيد الخيّف من مولاه، خيّرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين. قد طهّرتم القلوب من العيوب وتقدست سرائركم من الخب) الخداع (و نظفت الجسم من القاذورات، تبرأ إلي الله من عداه، و واليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات مما قد نهاك الله عنه في السرّ و العلانية، و خشيت الله حق خشيته في السر و العلانية و وهبت نفسك لله في أيّام صومك، و فرغت قلبك له فيما أمرك الله و دعاك إليه فاذا فعلت ذلك كلّه فانت صائم لله بحقيقة صومه، صانعٌ له لما أمرك، وكلما نقصت منها شيئاً فيما بيّنتُ لك، فقد نقص من صومك بمقدار ذلك. إن الصوم ليس من الطعام و الشراب إنما جعل الله ذلك حجاباً مما سواها من الفواحش من الفعل و القول يفطر الصوم، ما أقلّ الصوّام و أكثر الجوّاع).