خطبة الجمعة 19 شعبان 1434 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : من دعاء الإمام زين العابدين(ع) إذا ظُلِم- ج2


ـ نكمل شرح ما جاء في دعاء السجاد(ع) (إذا اعتُدي عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحب):
ـ (اللَّهُمَّ فَكَمَا كَرَّهْتَ إلَيَّ أَنْ أَظْلِمَ، فَقِنِي مِنْ أَنْ أُظْلَمَ) إلهي أنت تعلم أنني قد التزمت بما أمرتني به من الكف عن ظلم الآخرين، فاجعل ذلك لي شفيعاً وجائزة عاجلة في الدنيا بأن تمنع عني ظلم الآخرين لي.
ـ (اللَّهُمَّ لاَ أَشْكُو إلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أَسْتَعِينُ بِحَاكِمٍ غَيْرِكَ، حَاشَاكَ) فأنا على يقين بأن الأمور كلها بيدك أنت وحدك، وليس لأحد سواك القدرة المطلقة والعزة التي لا تُقهر، فلِمَ أوجِّه طلبي ودعائي لسواك ممن هو محتاج إليك؟ وهذا من كمال التوحيد عنده(ع)، وقد أكده في دعائه(ع) متفزعاً إلى الله: (اللَهُمَّ إنِّي أَخْلَصْتُ بِانْقِطَاعِي إلَيْكَ، وَأَقْبَلْتُ بِكُلِّي عَلَيْكَ، وَصَرَفْتُ وَجْهِي عَمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى رِفْدِكَ، وَقَلَبْتُ مَسْأَلَتِي عَمَّنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ فَضْلِكَ، وَرَأَيْتُ أَنَّ طَلَبَ الْمُحْتَاجِ إلَى الْمُحْتَاجِ سَفَهٌ مِنْ رَأيِهِ وَضَلَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ. فَكَمْ قَدْ رَأَيْتُ يَا إلهِيْ مِنْ أُناس طَلَبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِكَ فَذَلُّوا، وَرَامُوا الثَّرْوَةَ مِنْ سِوَاكَ فَافْتَقَرُوا، وَحَاوَلُوا الارْتِفَاعَ فَاتَّضَعُوا)
ـ (فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَصِلْ دُعَائِي بِالإِجَابَةِ، وَأَقْرِنْ شِكَايَتِي بِالتَّغْيِيرِ. اللَّهُمَّ لا تَفْتِنِّي بِالْقُنُوطِ مِنْ إنْصَافِكَ) فكثير من الناس عندما تبطأ عليهم الإجابة وتشتد عليهم المحنة فإنهم يبلغون غاية صبرهم، فيقنطون من رحمة الله وأنت القائل على لسان خليلك: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)[الحجر:56] فأعطني يا رب سؤلي قبل نفاد صبري.
ـ وأما عدوي الذي يظلمني فيا رب: (وَلاَ تَفْتِنْهُ بِالأَمْنِ مِنْ إنْكَارِكَ، فَيُصِرَّ عَلَى ظُلْمِي وَيُحَاضِرَنِي بِحَقِّيْ، وَعَرِّفْهُ عَمَّا قَلِيْل مَا أَوْعَدْتَ الظَّالِمِينَ) فمن حكمتك أنك تُمهل الظالمين وأنت القائل: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[آل عمران:178] ولكن بيدك أيضاً أن تعجِّل عقوبته في الدنيا، لترفع عني ظلمه لي ومحنتي هذه، فاستجب دعائي: (وَعَرِّفْنِي مَا وَعَدْتَ مِنْ إجَابَةِ الْمُضْطَرِّينَ).