خطبة الجمعة 28 رجب 1434 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : المبعث والعلم


ـ ونحن نستذكر مناسبة المبعث النبوي الشريف، نتوقف قليلاً عند عنوان العلم الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدور النبوة والرسالة، وقد قال تعالى في أوائل ما نزل على رسول الله(ص): (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[العلق:1-5].
ـ واستطاع الإسلام في عقدين من الزمان أن يحوّل الأميين إلى حملة للعلم والإبداع الفكري إلى العالم كله.
ـ ولم يأت هذا من فراغ، بل كان عملية تغيير منهجية، اعتبر من خلالها أن ليس للإنسان المسلم الحرّيّة في أن يكون جاهلاً أو يكون متخلّفاً، وقد جاء في الحديث: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
ـ كما أكد الإسلام أن العلم أساس من أسس تقويم الأفعال: (قُل هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ)[الزُّمر:].
ـ وأن العلم من طرق تحقيق التقوى، وقد قال سبحانه: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ)[فاطر:28].
ـ ولهذا، مع وجود كل أسباب الأخذ بالعلم في مجتمعنا هذا، لا يملك شبابنا العذر في تضييع الفرصة على أنفسهم في التحصيل العلمي الجاد، بل وما نأمله أن يكون التفوق عنوان ذلك التحصيل على طول الخط.
ـ إن الوفرة المالية وتوفر وسائل الاتصال الحديثة لنقل المعلومات ينبغي أن لا تتحول إلى ملهيّات تحطّم دوافع التحصيل العلمي.
ـ و الالتزام الديني والانشغال بالأنشطة الدعوية يجب أن لا يكون سبباً للفشل الدراسي وترك التحصيل العلمي.
ـ وإلا فسيأتي اليوم الذي يتحسر فيه الشاب على الفرص التي سنحت له وضيّعها، ويتمنى حينها لو أن الزمان يعود به، ولات حين مناص.
ـ إننا نفتخر بكل شبابنا المميزين والمتفوقين علمياً، ونفتخر أكثر فيما لو كان هذا الشاب ملتزماً دينياً في نفس الوقت الذي يحمل فيه بيده شهادات تفوقه.. فلتكن احتفالاتنا بالمبعث النبويّ الشريف هادفة، ومن أهدافها أن تكون بدايةً لحركة علمية يحاول كل إنسان فيها أن يدرس مقدار ما يملكه من معرفة، ليستزيد منها بحسب طبيعة الوسائل التي يملكها.