القَرين!!

في القرآن الكريم حديث عن (القرين) استغله البعض خداعاً وتكسباً لإيهام الناس بأفكار خرافية يلبسونها لباس الحقيقة تمسكاً ببعض مفردات القرآن كقوله تعالى: (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ)[فصلت:25].
الآية القرآنية تتحدث عن مصير فئة من الناس، انحرفوا في الدنيا من خلال وساوس شياطين الجن والإنس، فكان مصيرهم النار.. ولو تداركوا الأمر فيها لما كان هذا مصيرهم.
وكما تحدث القرآن عن وسواس الجن والإنس، تحدث عن رعاية الملائكة للإنسان بأن تحرسه مما يؤذيه إن لم يكتب الله له ذلك، وتدله على الخير وترشده إلى مواطن الهداية، وتشجعه على ترك المعصية. ففي تفسير قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) [الرعد:11]، عن علي عليه السلام: (ليس من عبدٍ إلا و معه ملائكة يحفظونه من أن يقع عليه حائط أو يتردى في بئر أو يأكله سبع أو غرق أو حرق فإذا جاء القدر خلوا بينه و بين القدر).
وفي تفسير الآية 31 من سورة فصلت: (نحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) قال الطبرسي : (أي نحن معاشر الملائكة أنصاركم وأحباؤكم في الحياة الدنيا نتولى إيصال الخيرات إليكم من قبل الله تعالى وفي الآخرة نتولاكم بأنواع الاكرام والمثوبة. وقيل: نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا أي نحن نحرسكم في الدنيا وعند الموت وفي الآخرة).
وقال الرازي في تفسيره: (هذا في مقابلة ما ذكره في وعيد الكفار حيث قال (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم) ومعنى كونهم أولياء للمؤمنين أن للملائكة تأثيرات في الأرواح البشرية بالإلهامات .. كما أن للشياطين تأثيرات في الأرواح بإلقاء الوساوس فيها وتخييل الأباطيل إليها).
فكأن الآية تقول: إن أعداء الله كفروا وفسقوا فبدّل الله لهم قرناء من الشياطين يقارنونهم ويلازمونهم في الحياة الدنيا، بدلاً من أولئك الملائكة.. و إنما يفعل ذلك بهم مجازاة لكفرهم و فسوقهم، وليس ذلك بأن يرسل الله الشياطين إليهم، بل إنها نتيجة طبيعية لهجران الملائكة إياهم.. وهؤلاء القرناء قد يكونون من الإنس كما قد يكونون من الجن .
وفي القرآن والأحاديث كلام حول أثر قرناء السوء: (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ، يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ، أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ، قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ، فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ)[الصافات:51-55].
(وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ، حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) الزخرف:36-38.
عن الإمام علي عليه السلام: (احذر مجالسة قرين السوء، فإنه يهلك مقارنه، ويُردي مصاحِبه). وعنه: (كن بالوحدة آنس منك بقرناء السوء).