الروابط الاجتماعية الإلكترونية

إذا استعرضنا اليوم ما يصخب به واقعنا من وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني في عالم الانترنت الافتراضي، من (فايسبوك) و(تويتر) ومواقع وتطبيقات أخرى كثيرة جداً، فسنجد أن حالة التواصل الإيجابية (بر الوالدين، صلة الرحم، حقوق الصداقة والأخوة .. إلخ) متحققة بصورة كبيرة قد تفوق أحياناً ما كان عليه الأمر قبل ظهور تلك الوسائل.
إلا أنه لا يخفى أن هذه الوسائل الاجتماعية انعكست بصورة سلبية على العلاقات الاجتماعية ذاتها، وبأنحاء مختلفة، إذ تجد أن كثيراً من أبناء هذا الجيل منعزلين في الواقع الاجتماعي، غير قادرين على التواصل الاجتماعي الحقيقي مع الآخرين، وتستحوذ عليهم صور عديدة من الخجل والتردد والخوف والفشل في بناء العلاقات السليمة.. إلخ.
ولعل السبب يعود إلى أن ظروف وطبيعة العالم الافتراضي تسمح بالاختباء خلف شخصية مزيفة وهوية منتحلَة (حتى على مستوى جنس المتحدث)، وتُخفي عن الآخر تعابير الوجه وأسلوب الحديث والنطق وحركات الجسد واليدين، بل والهيئة الخارجية والصفات الجسدية وما إلى ذلك، الأمر الذي يعقّد المسألة أمام الشاب حين ينزل إلى أرض الواقع لبناء علاقات اجتماعية حقيقية تنكشف فيها كل تلك الأمور، ويفشل في التكيّف مع المتغيرات التي يواجهها في العلاقة الاجتماعية.
كما أن قضاء ساعات طويلة خلف شاشات الكمبيوتر وأجهزة الهاتف المحمول يعزل مستعملها عملياً عن الحياة الاجتماعية الحقيقية، وهو ما نشهده حتى عند كبار السن الذين وإن حضروا المجالس العامة والدواوين، إلا أنك تجد كل واحد منهم في ذات المجلس قد انكفأ على هاتفه المحمول بصورة محمومة وانعزل عمّن حوله وإن حضر بجسده معهم.
ثم إن هذه الوسائل الحديثة وفّرت إمكانية كبيرة للاستغلال السئ للعلاقات الاجتماعية من خلال انتحال الذكر صفة الأنثى مثلاً، وإقامة علاقات صداقة مع النساء تُستغل للاطلاع على الخصوصيات والصور الشخصية وما إلى ذلك، لدرجة قد تصل إلى حد الابتزاز في بعض الأحايين.. وهذه مجرد مفردة في عالم الاستغلال السئ للتواصل الاجتماعي الافتراضي.
بتصوري أن على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية إعادة النظر في حجم الاهتمام الذي يولونه لها، وأن يحققوا نوعاً من التوازن بين الحياة الحقيقية والحياة الافتراضية.