نبش القبور وتشويه الإسلام - محمد فضل الله

الأسى يعتصر القلوب، لرؤية مشهد من مشاهد الجهل الفاضح الذي يرقص محتفلاً على مشاعر المسلمين، ويطرب لصوت العصبيّة والانحطاط. إنّ الإسلام ـ أيها العالم ـ برئ من كلّ هذه الصور الّتي تعبِّر عن همجيّة أصحابها ووحشيّتهم.. فنبش قبر الصحابي الشهيد الجليل حجر بن عدي، لا شرع يقرُّه ولا عقل، كما أنّه يساهم في تنفير غير المسلمين من الإسلام، وتصويره على أنّه دين لا حضاريّ.
إنّ هذا الصحابيّ الجليل معروف ومحترم لدى المسلمين جميعاً، وهذا العمل لا يقيم أيّ وزنٍ واعتبار لهذه المشاعر التي باتت رهينة الجاهلين الذين يأخذون الواقع إلى مستويات منحطّة.. فحتى المجتمعات البدائيّة كانت تحترم موتاها، وتكرّمهم ولا تُقدِم على فعلٍ كهذا.
إنّه نبشٌ ليس للقبر الشّريف فحسب، بل هو نبشٌ للتّاريخ الإسلاميّ كلّه وامتهان له، أهكذا يكون الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حفظ صحابته؟ أهكذا نرضي الله تعالى من خلال نبش قبور أوليائه؟!
إنّه زمن امتهان الكرامات والتعدّي على الحرمات، وتجاوز حدود الله، ونحر الإسلام وتقطيع أوصاله، وإضافة فصل جديد من الفصول السّوداء إلى التاريخ الإسلامي الّذي لا يقبل ولا يتشرّف بذلك أبداً. يظنّ هؤلاء أنّهم سيفرّون بأعمالهم تلك، لكنّ الله تعالى لا يغيب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض، وسيحاسبون عليها، وسيرفضها التّاريخ ويلعنها.
إنّ صوت الضّمير والعقل لا بدّ من أن يعلو من الجميع، ليكون الردّ حازماً. تُرى أين تلك الأصوات؟ ولماذا هذا الصّمت؟ فالمسألة ليست نبش قبر لصحابيّ جليل، بل ممارسات تحاول أن تصادر كلّ نور ليحلّ مكانها الظّلام.. ترى، هل رجعنا إلى عصور الظّلام، مع أنّه لا نبش لقبور فيها؟!