المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب

في 27-28 إبريل الماضي أقيم في العاصمة العراقية بغداد المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب بمشاركة 300 شخصية دينية وفكرية إسلامية من أنحاء العالم، وذلك بدعوة من رئيس الجمهورية العراقية السيد جلال الطالباني وبحضور نائبه الدكتور خضير الخزاعي، ودولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي.
وقد شاركت في المؤتمر ضمن الوفد الشعبي، كما شارك السيد مطلق القروي الوكيل المساعد بوزارة الأوقاف الكويتية وألقى كلمة في الافتتاح.
وفي ختام أعماله أصدر المؤتمر (وثيقة بغداد) جاء فيها: (إزاء الهجمة الشرسة على وحدة الأمة العربية والإسلامية وعلى أوطانها، بغية استنزاف خيراتها ، واستباحة حرماتها والقضاء على عنصر المروءة والنخوة في قلوب أبنائها وعقولها، عبر لبوس ديني متهالك، وفتاوى طائفيةٍ مقيتةٍ، وسياسةٍ إقصائيةٍ أحادية، ومن خلال المؤتمر الاسلامي الدولي للحوار والتقريب الذي عقدَ في بغداد يومي السبت والأحد27 – 28/4/2013، الموافق لـ 16/جمادي الآخرة/1434هـ، وبناءً على توجيهات الحضور وتوصياتهم من شتى بقاع العالم الإسلامي وطوائفه ومذاهبه فقد قررنا نحن العلماء بعد التشاور والتداول اصدار وثيقة تحفظ البلاد والعباد، وتصون الحرمات وتحفظ الحريات، وتؤدي أثراً فعالاً في التقريب والتواؤم بين جميع أبناء الأمة وطوائفها ونصها كما يأتي :
-1 المسلم هو كل من شهد الشهادتين وآمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن منهجاَ ودستوراً وإماما، وبسيدنا محمد نبياً ورسولاً ، ولم يظهر منه ما يخرم هذا العهد والميثاق ويدخل في هذا السنة والشيعة ، وما سوى ذلك يعدّاختلافاً في الفروع لا الأصول فهو اختلافُ اجتهادٍ وتأويلٍ يُتوسعُ به ما لا يُتوسعُ في غيره من أصول الإسلام والإيمان.
2ـ لا يحقّ لأي طرف من آحاد الأمة أن يطلق كلمة الكفر على الآخر هكذا إلا بعد دليل شرعيّ مثبت، وإحالة ذلك إلى أهل المعرفة والاختصاص في هذا الميدان، وإعلان ذلك على الملأ بعد اتّخاذ الخطوات الشرعية والقضائيّة اللازمتين، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال لأخيه يا كافر فقد باءَ بها أحدهما).
3ـ دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام عليهم، وعليه: فلا يجوز قتل مسلم عمداً لقوله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وكذا مالَه وعرضَه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، فلا ينبغي أو يجوز التعرض لأي مسلم، ولا يجوز التحريض على ماله أو عرضه أو نفسه ولو بشق كلمة.
4ـ دور العبادة من مساجد وحسينيات وكنائس وغيرها مصونة بصون الشرع أو العرف لها، فلا يجوز الاعتداء عليها، أو إيذاء القائمين عليها، أو اتخاذها ملاذا آمنا لأعمال إرهابية أو تخريبية، لأن ذلك يخرج الوقف عن صفته اللازمة له وهي: "شرط الواقف كنصِ الشارع"، و"الأوقاف على ما اشترطه أصحابها".
5ـ الجرائم التي ترتكب بحق الآخرين، نتيجةَ خلاف مذهبي أو اعتناقِ عقيدةٍ أخرى نوع من أنواع الفساد في الأرض وقد نهى الله عنها بقوله تعالى (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ)، ينبغي الابتعاد عنها ومحاربة كل ما يثير ذلك واتخاذ عقوبات رادعة بحق المسيئين أيا كان مذهبهم أو انتماؤهم .
6ـ الوحدة الاسلامية، والتسامح الإنساني، والرحمة بين الخلائق فضائل لا ينبغي تجاوزها أو غض الطرف عنها بل يجب التمسك بها، وانتاجها طريقاً وسلوكاً ومنهج حياةٍ ، لقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى) .
7ـ المظلوم منصور، والمقتول دمه مُصَان، والظالم موضوع والقاتل مجرم، ونحن علماء الاسلام من سنة وشيعة نحارب الظلم وأهله، ونعاقب القاتل وفعله، وننصر المظلوم وأهله، وننتصر له ممن ظلمه من أي طائفة كان، أو بأيّ ملّة قد أعتنق، فالله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
8ـ نحن العلماء من السنة والشيعة نهيب بحكام العرب والإسلام اتخاذ مواقف جريئةٍ لحفظ الدماء، والحرمات، والخيرات في بلداننا، إذا كان في ذلك صون للبلاد والعباد من الانزلاق في مستنقع الفتن، والتفرق والتمزق، والطائفية والتقسيم، فالوطن أهم وأعظم.
9ـ الصلح فيما بين أبناء الأمة، والميل الى الحوار والهدوء خيرٌ وأحبّ الى الله تعالى (والصُّلحُ خَير)، ونحن علماء علماء الأمة نطالب الجميع بالصلح والجلوس على طاولة الحوار.
-10 المسلمون بجميع طوائفهم، وكذا غيرُهم من أصحاب العقائد والملل الأخرى ، يقفون صفاً واحداً للمحافظة على وحدة البلاد والعباد في كل مكان فوق ثرى تراب هذا الكون المترامي الأطراف، وتحقيق ما تصبو اليه نفوس شعوب الأمة على شتى الصعد وفي كل الميادين.