فداها أبوها - محمد القزويني

روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وجد على باب ابنته فاطمة ستارة فلم يدخل البيت كعادته، وحين علمت الزهراء عليها السلام بذلك نزعت الستارة عن الباب وأرسلتها لأبيها عليه الصلاة والسلام طالبة التصدق بها.. فقال صلى الله عليه وآله: (فعلت فداها أبوها)..
وهذه الكلمة سواء قيلت في هذا المورد أو غيره فإنها تدل على عمق الارتباط الروحي بين سيدة نساء العالمين وأبيها المصطفى الأمين، وهو غير الارتباط العاطفي الناشئ من القرابة، فالزهراء سلام الله عليها من أقدر الناس على فهم نفسية أبيها ومدلولات حركاته وإشاراته، وهي في سلوكها تريد أن تبرز ما يريد أبوها أن يقوله للناس من غير جهل منها بما ينبغي أن تفعله، أو تعمّد سلوك غير لائق.
ومن هنا أعطيت ذلك اللقب الخالد: (سيدة نساء العالمين) وقرنت محبتها ورضاها برضا الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. ومما يؤسف له أنه لم يتح للمسلمين معرفة تفاصيل حياة الزهراء ودورها الذي اضطلعت به سواء في نصرة أبيها أو في بيت الزوجية أو في نصرتها لزوجها.. ولا يعرف الناس إلا لمماً عن حياة هذه المرأة العظيمة، و كيف حازت على تلك الدرجة العظيمة التي جعلت الرسول القائد يصرح: (فاطمة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها) بأحاديث صحيحة تنادت بها أمهات وصحاح كتب المسلمين.
إن مثل هذا التصريح لا يصدر عبثاً ممن جعل الله جبرائيل قريناً له، وممن كان حديثه (وحياً يوحى).. فهل نجد من الباحثين والكتاب من يجلي لنا الغموض عن السر في تلك الأقوال؟ وماهي الأدوار التي لعبتها الزهراء تلك الحورية الإنسية في الحياة الإسلامية؟ وبأي شيء استحقت أن تكون قدوة للناس؟ وكيف يمكن أن تقتدي بها النساء؟