سيدة نساء العالمين - عمار كاظم

كانت الزهراء عليها السلام ابنة محمد صلى الله عليه وآله روحا وأخلاقا وتقوى وعبادة وهي قطعة من عقل النبي صلى الله عليه وآله وإحساسه وحركيته ورسالته وهي التي تمثل النموذج الكامل للإنسانية المسلمة التي انفتحت على الله تعالى بكل عقلها وروحها وحركتها ومسؤوليتها وكانت الرسالة المتحركة في عقلها وفي روحها وفي فكرها وفي علمها وزهدها وعبادتها وصلابتها وقوتها في الحق.
عاشت الزهراء عليها السلام المعاناة منذ طفولتها الأولى كأقسى ما تكون المعاناة وانفتحت على المعاناة حتى وهي زوجة لعلي بن أبي طالب في كل متاعبها في بيتها وفي مجتمعها وعاشت المعاناة في فقدها لأبيها وعاشت المعاناة كذلك في بيتها وفي نفسها وفي القضية الكبرى التي دافعت عنها كأقوى ما يكون الدفاع.
عاشت الزهراء عليها السلام لأبيها رسول الله صلى الله عليه وآله ولزوجها ولي الله ولولديها اللذين هما إمامان إن قاما وإن قعدا ولم تعش لهم قرابة فقط ولكنها عاشت لهم رسالة ولذلك كانت الرسالة تجري معها وتسير معها وكانت تطل على الناس كلهم لتفكر بآلام الناس قبل أن تفكر بآلام نفسها.
علينا ونحن نعيش ذكرى الزهراء عليها السلام أن نعيش الصورة العائلية للبيت النبوي الكريم لنستلهم الصبر ونقتدي ونهتدي بهداهم الصورة العائلية واللقطة الفذة من حياة المجتمع الإسلامي والحياة النبوية الكريمة التي توضح لنا صورة الحياة الثقافية وعلاقة الرجل بالمرأة وعظمة التواضع عند قادة الإسلام وعظماء البشرية، فرسول الله صلى الله عليه وآله يساعد فاطمة ويعينها على طحن طعامها، وعلي أمير المؤمنين عليه السلام يشاطرها العمل في المنزل، وبلال يعرض خدماته على فاطمة فيعينها وينجز بعض أعمالها.
إنها الصورة المثالية لحياة مجتمع صنعه الإسلام بمبادئه وأخلاقه وإنها الصبغة التشريعية لحياة العائلة المثالية في الإسلام ولمكانة المرأة وعلاقتها بالزوج والأسرة في هذه الرسالة الإلهية الخالدة. فرسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة عليهما السلام مثال الأب والزوج والبنت والزوجة في الاسلام، وعلى شاكلة هذه الأسرة يجب أن تبنى الأسرة المسلمة وبمثل هذه العلاقة يجب أن تشاد العلاقات بين أفرادها. فسلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ورحمة الله وبركاته.