مفهوم الورع وآثاره


وفي وصية النبي الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليه: (يا أبا ذر، ملاك الدين الورَع، ورأسُه الطاعة. يا أبا ذر، كن ورعاً تكن أعبد الناس، وخيرُ دينِكم الورَع. يا أبا ذر، فضلُ العلم خيرٌ من فضل العبادة، واعلم أنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، ما ينفعكم ذلك إلا بورَع).
الورَع في اللغة:
الورع هو التحرُّج، وبالتالي فإن الورع في المصطلح الديني يمثّل حالة تنطلق من النفس بحيث يشعر الإنسان بصعوبة الإتيان بهذا القول أو الفعل، فلا يُقدِم عليه.. لماذا؟
1ـ قد يتذكر نعم الله عليه فيشعر بالحرج في أن يأتي بشئ يغضب صاحب النعمة.
2ـ أو يعيش حب الله في القلب، فيجد من العسير أن يفعل ما يسئ إلى محبوبه.
3ـ أو يستحضر عقاب الله للعاصين أو النعيم المعد للمطيعين، فيصعب عليه أن يأتي بما يخالف ذلك.
4ـ أو يتذكر سنن الله في خلقه، فكما تدين تُدان، وما قد يسئ به إلى الآخرين اليوم، لربما يكون هو ضحيته في يومٍ ما.
5ـ أو لوضوح الصورة القبيحة للمعاصي والجميلة للطاعات وتمثّلها الدائم في عقله فيأنف فعل القبيح.
وهذا كله ينعكس في استقامة سلوك هذا الإنسان في الحياة وفق تعاليم الله وتشريعاته، وهو من الأهداف الكبرى في الإسلام.. بل هو ملاك الدين كما في هذا الحديث.
الورع والعبادة:
ومن الواضح للمتتبع للنصوص الدينية أن العبادات لوحدها ليست ذات قيمة ما لم تقترن بالورع، أي بالانعكاس الإيجابي في سلوك الإنسان مع الله ومع من حوله وما حوله، وقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: (لا يعبأ الله بمن يؤم هذا البيت إلا من كان فيه خصال ثلاث: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلُق يداري به الناس، وحِلْمٌ يردُّ به جهل الجاهل) فكل هذا الجهد الذي يبذله الحاج، وكل هذه الأموال التي ينفقها من أجل أداء مناسكه لن تكون ذات قيمة حقيقية عند الله ما لم تُشفَّع بالورع.
الورع والولاية:
وبمثل ذلك أكّد أهل البيت عليهم السلام في بيان قيمة علاقتنا بهم حيث قال الإمام محمد الباقر عليه السلام: (والله ما تنال شفاعتنا إلا بالتقوى والورع والعمل الصالح والجد والاجتهاد).