زواج البنت الصغرى

تحقيق: تغيّرت الكثير من العادات المتعلّقة بالزّواج في مجتمعنا؛ مثل السّماح بزواج الأخت الصّغرى قبل الكبرى، رغم تمسّك بعض الأسر بتزويج البنات بحسب ترتيب أعمارهنّ؛ خوفاً من "العيب"، وتحاشياً لحديث النّاس عن البنت الكبرى، وهذا كلّه من الخطأ الّذي كرّسته ثقافة المجتمع؛ والوعي الأسريّ يتنامى نحو تصويب مثل تلك المفاهيم، ولكن يبقى السّؤال عن موقف الأخت الكبرى من زواج أختها الصّغرى، وما هو دور الوالدين نفسيّاً واجتماعيّاً لاحتواء مشاعر الأختين معاً؟ ولا يخفى أنّ خطبة الابنة الصّغرى وزواجها مبكراً قبل شقيقتها يسبّب حزناً داخليّاً، حيث من الممكن أن تقبل الأسرة ذلك على مضض، فتعيش البنت الكبيرة مشاعر متفاوتة بين الفرح لشقيقتها والحزن على عدم زواجها؛ ما قد يكسب الفرحة مظهراً غير سعيد.
وتعليق: حثّ الإسلام على الزّواج بقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الرّوم: 21]، ففيه حياة السّكن والمودّة والرّحمة، وفيه بناء الحياة واستمراريّة الكون، وقد سهّل الإسلام بتشريعاته أمور الزّواج، عندما ركّز على  أهميّة الخلق والدّين في الاختيار، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه).
ومن المفترض ـ اجتماعياً وتربوياً ـ أن ننظر إلى مسألة الزّواج على أنّها مسألة تكامليّة بين الرّجل والمرأة، وليست مسألة تراتبيّة تبدأ من الأكبر ثم الأصغر، وتكون في أغلب الأحيان خاضغةً لعادات ومزاجيّات لا أساس لها في الشّرع.
ومن النّاحية الشرعيّة، لا يحقّ لأولياء الأمور منع بناتهم من الزّواج متى وجدن الشّخص المناسب وتحقّقت الشّروط المطلوبة، والأولى لأولياء الأمور رفع مستوى الوعي لديهم، والأخذ بعين الاعتبار مصالح أولادهم في اختيار من يرونه مناسباً وكفؤاً. وعلينا كمجتمعٍ إسلاميّ، أن نحافظ على أن يكون الزّواج في خطّ الشّرع، فلا تدخل الاعتبارات غير الشرعيّة ما دامت ليست راجحة، فإنّه يكره ردّ المؤمن الكفوء إذا جاء خاطباً، ولا حقّ للأهل بمنع بناتهم من التّزويج إذا كنّ يردن ذلك، وكانت الشّروط والمواصفات اللائقة متوفّرة في الخاطب، وإنما دور الأهل دور النّاصح والموجّه والحريص على مصلحة البنت، ويمكن التّعامل مع البنات بالشّكل الّذي يستوعبن فيه الأمور ولا يتعقّدن من مسألة زواج إحداهما قبل الأخرى، فإنّ الّذي يعقّد الأمور هو الجوّ الخاطئ الموجود، والانقياد للعادات غير السّليمة، أمّا عندما ينظر إلى المسألة بشكل طبيعيّ من قبل الأهل، فإنّ البنات سيتفهّمن ذلك.