خطبة الجمعة 19 ربيع الثاني 1434 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : مجالسة المتقين والفقهاء


ـ في وصية النبي(ص) لصاحبه أبي ذر(ره): (يا أبا ذر، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم الزيادة، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه صخرة، يخاف أن تقع عليه، وإن الكافر يرى ذنبه كأنه ذَبابٌ مرّ على أنفه. يا أبا ذر، إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً جعل ذنوبه بين عينيه ممثَّلة، والإثمَ عليه ثقيلاً وبيلاً. وإذا أراد بعبد شراً أنساه ذنوبَه. يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت).
ـ يدفع النبي(ص) المؤمنين نحو مخالطة المتقين بلحاظ تجاربهم الشخصية، وما يفتح الله عليهم من أنوار هدايته وتوفيقاته، وبلحاظ تأثيرهم العملي في الآخر.. ومجالسة الفقهاء بلحاظ تفقههم في الدين باطّلاعهم الواسع وتعمقهم في الأمور، سواء في المجال العقدي أو المعرفي أو الشرعي أو الأخلاقي.
ـ هذه الأجواء تعد من العوامل المساعدة لتقويم مسيرة الإنسان وفق ما عبّر عنه النبي(ص): (إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه صخرة، يخاف أن تقع عليه) فهو يتحذر ويراقب، كما يتألم ويعاني لو ارتكب الذنب، ويعالج آثاره.. لاحظ كيف يصف الإمام زين العابدين(ع) هذه الحالة في دعائه إذا تضرع في طلب العفو الوارد في الصحيفة السجادية: (يا إلهي لَوْ بَكَيْتُ إليك حَتّى تَسْقُطَ أشْفارُ عَيْني؛ وَانْتَحَبْتُ حَتّى يَنْقَطِعَ صَوْتي، وَقُمْتُ لَكَ حَتّى تَتَنَشَّرَ قَدَمايَ؛ وَرَكَعْتُ لَكَ حَتَّى يَنْخَلِعَ صُلْبي؛ وسَجَدْتُ لَكَ حَتّى تَتَفَقَّأ حَدَقَتايَ؛ وَأكَلْتُ تُرابَ الأرض طُولَ عُمُري؛ وَشَرِبْتُ مآءَ الرَّمادِ آخِر دَهْري، وَذَكَرْتُكَ في خِلالِ ذلِكَ حَتّى يَكِلَّ لِساني، ثُمَّ لَمْ أرْفَعْ طَرْفي إلى آفاقِ السَّمآءِ اسْتِحْيآءً مِنْكَ، مَا اسْتَوْجَبْتُ بِذلِكَ مَحْوَ سِيِّئَةٍ واحِدةٍ مِنْ سَيِّئاتي).
ـ وفي المقابل هناك صورة الشخص اللاأبالي تجاه المعصية: (يرى ذنبه كأنه ذَبابٌ مرّ على أنفه).
ـ والعامل المساعد الآخر هو عدم الاستخفاف بالمعصية: (لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت) لأن هذا الاستخفاف من موجبات التجرؤ نحو المزيد من المعاصي لتصل النوبة إلى الذنوبة الكبيرة، كما أنها تستدعي انقلاب الذنب الصغير إلى كبير.
ـ ومتى ما وجد الله عند الإنسان مثل هذه الاهتمام تدخلت عنايته لتدفع نحو المزيد من التقوى: (إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً جعل ذنوبه بين عينيه ممثَّلة، والإثمَ عليه ثقيلاً وبيلاً).
ـ اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَقِني مِنَ المَعاصِي، وَاسْتَعْمِلْني بِالطّاعَةِ وَارْزُقْني حُسْنَ الإنابَةِ، وَطَهِّرْني بِالتَّوْبَةِ؛ وَأيِّدْني بِالعِصْمَةِ يا أرحم الراحمين.