زيتون سيناء

قال تعالى: (أَنْشَأْنَا لكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِين)[المؤمنون:19-20].
قد يستغرب المتمعن في الآية العشرين أمرين:
صبغ للآكلين!
الأول: علاقة (الصبغ) بالأكل في قوله تعالى: (وَصِبْغٍ لِلآكِلِين)، ولكن بالرجوع إلى المعاجم اللغوية كلسان العرب لابن منظور ندرك أن معنى الصَّبْغُ والصِّباغُ: (ما يُصْطَبَغُ به من الإِدامِ؛ ومنه قوله تعالى في الزَّيْتُون: تَنْبَتُ بالدُّهْنِ وصِبْغٍ للآكِلِين، يعني دُهْنَه.. وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً: دَهَنها وغمَسها، وكلُّ ما غُمِسَ، فقد صُبِغَ). وكلمة (صبغ) التي نستعملها في محاوراتنا مشتقة من ذات المعنى، إذ كان الشئ كالقماش يُغمس في (الصبغ) فيكتسب اللون المراد، والصَّبْغُ أيضاً في كلام العرب بمعنى التَّغْيِيرُ. ومما سبق يتضح أن الآية تتحدث عن زيت الزيتون الذي تُغمس فيه الخبزة مثلاً بغرض الأكل.
زيتون سيناوي!
الأمر الآخر هو ذكر مصدر ذلك الزيتون وزيته وهو طور سيناء، والطور هو الجبل، وسيناء معروفة، ولكن أما كان الأجدر نسبة ذلك الزيتون إلى القدس مثلاً أو بعض نواحي فلسطين؟ وهذا بالدقة ما ذكره أحد المعادين للإسلام حيث قال: (هل صحراء سيناء تشتهر بالزيتون؟ هذا ما يقوله إله الإسلام!) ثم جاء بالآية الشريفة وقال: (لم تشتهر صحراء سيناء الجرداء بشجر الزيتون. ألم يكن الأجدر أن يذكر فلسطين بزيتونها، لا سيناء التي من قحطها أرسل الله لبني إسرائيل فيها المنَّ من السماء؟).
وفي معرض هذا التشكيك نطالع هذه المقالة للباحث السيناوي يسري الهرش: (هناك نوعان من أشجار الزيتون في سيناء، النوع الأول هو المزروع في المزارع وأشهر مناطق زراعته منطقة المزرعة بوادي العريش ومنطقة الخروبة بالشيخ زويد.. وهذا النوع يُستخرج منه زيت الزيتون السيناوي التجاري، أما النوع الثاني فهو نادر وموجود في مناطق وعرة بالجبال ونسميه في سيناء بـ (البعلي)، والبعلي في لهجة أبناء سيناء تعني الذي لم يروَ سوى بمياه الأمطار، وهو أجود أنواع الزيوت، ليس في سيناء فقط بل في العالم كله، وهو بالنسبة للخصائص العلاجية لزيت الزيتون ليس له مثيل خصوصاً إذا استخرج بالعصر على البارد.. وزيت زيتون سيناء يصدَّر إلى أسبانيا، أحد أهم منتجي زيت الزيتون في العالم) .