ضبط فتاوى الفضائيّات

خبر: اختتم المؤتمر العالمي للفتوى أعماله في العاصمة الإندونيسيّة (جاكرتا)، وأوصى المشاركون فيه جميع المسلمين على المستوى الرّسمي والشّعبي، بالاهتمام بالفتوى، والابتعاد عما يثير التنازع والفرقة في صفوف المسلمين ويشوّه صورة الإسلام، كما حذّروا في بيانهم الختاميّ من خطورة الفتاوى الشاذّة، وأكّدوا ضرورة ضبط الفتاوى المباشرة عبر الفضائيّات والإنترنت، وأن تتولّى ذلك شخصيّات مؤهّلة قادرة على مراعاة ظروف المجتمعات الإسلاميّة وتنوّعها، والحرص على الوحدة الإسلاميّة، ونبذ الفرقة والوسائل المؤدّية إليها.
وأوضح البيان أنّ الإفتاء من واجبات العلماء من أجل بيان الأحكام الشرعيّة ودلالة النّاس عليها، لذا لا بدّ من أن لا يتولّى الإفتاء إلا مؤهّل له، عارف بضوابط الإفتاء.. يذكر أنّ هذا المؤتمر الّذي عقد في الفترة 24/ 26 من شهر ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، بالتّعاون بين وزارة الشّؤون الدينيّة في جمهوريّة إندونيسيا ورابطة العالم الإسلامي، شارك فيه أعضاء من المجمع الفقهي وعلماء ومفتون وأساتذة جامعات وباحثون ومتخصصون في العالم الإسلامي ومن دول شرق آسيا.
تعليق: يتطلب الفقه الإسلاميّ اجتهاداً حيّاً منطلقاً من قاعدة الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر، وأن يتحرّك في حاجات الإنسان وأوضاعه، من أجل إبراز مواهبه وقدراته في ضبط واقعه، وإضفاء صفة الدّيناميكيّة الّتي تصنع طعماً آخر للحياة، وتحسن مواكبة مراحلها ومتغيّراتها، لذا من الطّبيعي أن يتوافر في أهل النّظر والاجتهاد، اطّلاع كاف في حقول المعارف الإنسانيّة والثّقافة العامّة، وأن يكونوا أشدّ النّاس وعياً وملامسةً لمشاكل الواقع وتشخيصها، واستنتاج الأحكام والفتاوى لها، والّتي تعبّر عن روح الإسلام وجوهره. إنّ الحديث عن مسألة الفقيه في الدّائرة الرساليّة، تختلف كلياً عن الدائرة الذاتيّة، فهناك الأفق الرّحب الّذي ينفتح على الإسلام، وهناك الأرض الواسعة الممتدّة في اتجاه الأهداف الإسلاميّة الكبرى، وهناك الفقه الإسلاميّ المنطلق من قاعدة الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر، المتحرّك في حاجات الإنسان وأوضاعه، من أجل تفجير طاقاته على طريق الحريّة والعدالة، لتكون الحياة كلّها دعوةً في خطّ الرّسالة، ورسالةً في حجم الحياة.
وفي ضوء ذلك، ينطلق دور الفقيه ليكون في نفس اتجاه وطبيعة دور النبيّ، باعتباره الحامل لرسالته، الأمين عليها، على هدى الحديث الشّريف المأثور: (العلماء ورثة الأنبياء)، و(العلماء أمناء الرّسل)، فإذا كانوا ورثة الأنبياء، فلا بدّ لهم من أن يتحرّكوا على مستوى الدّعوة والحكم والجهاد في خطّ الإنسان والحياة.. وهكذا يكون الفقه النّافذة الّتي يطلّ الفقهاء من خلالها على الواقع كلّه والإنسان كلّه، ولن يكون الفقيه مجرّد مثقّف في الحكم الشّرعيّ، بل يمتدّ إلى أن يكون مثقّفاً في الإسلام كلّه عقيدةً وشريعةً ومنهجاً وهدفاً في خطّ النّظريّة، وحركة وجهاداً ودعوة وسلطة على خطّ التنفيذ والامتداد في الحياة.