الواتساب: ضروري.. ولكن ! محمد السيد

ظاهرة تتغلغل في مجتمعاتنا، ولا تميِّز بين كبير وصغير، فتراها منتشرةً في المقاهي والشَّوارع وخلال العمل، وفي أماكن الدّراسة، هي ظاهرة استخدام "الواتساب"، فلا يكاد يمرّ الوقت إلا وتسمع وقع النَّغمات والرَّنين تتصاعد من كلِّ جانب، فقد اجتاحت هذه الظَّاهرة كلّ الفئات العمريّة، حتّى الكبار منهم، الّذين يقدمون على تعلّم استخدامها. فهذه الوسيلة شبه المجانيَّة، بات من المستحيل التخلّي عنها، حيث تحوَّلت إلى وسيلة تواصل وتخاطب حتَّى في المنزل الواحد. واللافت أنَّ أفراد العائلة، باتوا يجلسون وكلّ منهم يحمل هاتفه، ويمرّر أصابعه بخفّة على لوحة مفاتيح الأحرف بلا انقطاع، فإذا ما تحدَّث إليهم أحد، لم يبدوا اهتماماً، وظلّوا مشغولين بما يكتبون، وهو ما ينعكس سلباً على المستوى الأخلاقيّ في المجتمع.
ومن غير الخفيّ، ما يستهلكه النَّاس على هذه المسألة من وقتٍ يُصرَف دون طائل.. والسؤال: هل تحوّل الواتساب إلى إدمان لا علاج منه؟ فالكثيرون لا يكترثون للخصوصيَّات الإنسانيَّة، وينهالون بالرّسائل في وقت متأخّر ليلاً، حتَّى تحول الأمر إلى هوسٍ حقيقيّ، فليس مفاجئاً حتَّى أن ترى من يقود السيَّارات اليوم، وحتى الدراجات النارية، وهو يستخدم "الواتساب".
وفي زمن التطوّر التكنولوجيّ اليوم، والّذي لا يمكن تجاهله، يبقى المطلوب حسن التّعامل معه، والإفادة منه بالشّكل المعقول الّذي لا يسيء إلى علاقاتنا الإنسانيّة والاجتماعيّة الّتي باتت تقام عبر وسائل الاتّصال الحديثة، ما يتسبّب بأثر سلبيّ وبالغ في الواقع، يؤدّي في كثير من الأحيان إلى فقدان الحسّ بوجود الآخر، وعدم الاكتراث بالتّالي للمشاعر الحيّة الّتي ينبغي أن نعبّر عنها بالتّواصل الحيّ والمباشر بين النّاس، لإلغاء ما يمكن إلغاؤه من الحواجز والفواصل الّتي أضحت اليوم كثيرةً ومتعدّدة الأشكال.
وعلى القيّمين على الشّأن العام، أن يبادروا إلى التّوعية الاجتماعيّة والإنسانيّة بشأن أبعاد هذه الظّاهرة ونتائجها على النّسيج الاجتماعيّ العام، ولتوجيه النَّاس وتوعيتهم حول السّبل الإيجابيّة لاستعمال هذه الوسيلة، مع ضرورة احترام الخصوصيات الانسانية واللياقات الاجتماعية باحترام مشاعر الآخرين، ومراعاة الضوابط الأخلاقية.