المنجِّمون بدؤوا بالظّهور الإعلاميّ باكراً!

مع اقتراب كلّ عام ميلاديّ من نهايته، تظهر وبصورة قويَّة، لجوء كثيرٍ من النّاس إلى العرّافين والمنجّمين.. والمشكلة أنَّ معظم النّاس يقولون إنّهم لا يصدّقون ما يسمعون ولا يؤمنون به، ولكنَّهم في كلّ عام يتسابقون إلى منابر المنجمين، ويشترون كتبهم وتوقّعاتهم وكأنّها حقيقة مسلّم بها!
بدايةً، تؤكّد الدراسات النفسيَّة، أنَّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الحالة النفسيَّة للشّخص الّذي يزور هؤلاء المنجّمين وسلوكيّاته المختلفة، إذ إنَّ الأفكار والمعتقدات الخرافيَّة الَّتي يؤمن بها هؤلاء النَّاس، تؤثّر في قدراتهم وسلوكيّاتهم، فبعضهم يمرّون بظروفٍ صعبة ولا يجدون منها مخرجاً إلا باللّجوء إلى الخرافات الَّتي تجعلهم أكثر رضا، إضافةً إلى نزعة حبّ الاستطلاع والفضول لمعرفة المستقبل عند الجميع.
إضافةً إلى ذلك، فإنَّ الكثير من هذه الحالات ممن يقصدون المشعوذين، حسبما تؤكِّد الدّراسات الحديثة، مصابون بأمراض نفسيَّة، كالفصام الشّخصي أو البارانويا، وهذا المرض لا يقتصر على فئة دون أخرى، بل قد يصاب به من يعتلي أرقى الدّرجات العلميَّة، ما يجعل الناس يشعرون براحة بعدما يتجنّبون مواجهة الواقع، وإبعاد مسؤوليَّة الفشل عنهم، وإرجاعها إلى سوء الحظّ أو الحسد وفساد الطّالع أو غيرها من الأمور.
على المستوى الشّرعي الإسلامي، أكد المرجع السيِّد محمَّد حسين فضل الله أنَّ كلّ ما له علاقة بالغيب والإخبار عن المغيّبات، هو سرّ في علم الله تعالى، وأنَّ من يدّعي العلم به من خلال النّجوم ونحوها، هو من الكاذبين، حتَّى لو صدق في بعض الأحيان صدفةً. إنّ الأفلاك وحركتها أمر كوني، ولكنّ استكشاف الغيب من ذلك أمر لا دليل عليه، ولا يعلم الغيب إلا الله، أمّا قراءة الطّالع والفنجان، فإنّها من الأمور الّتي لا واقعيّة لها، وهو أمر محرّم مع الاعتقاد بكشفه للغيب، وإلا فلا، والأفضل تجنّبه، وما كان من أعمال السّحر والتّنجيم والإخبار بالغيب والمداواة بما لا يستند إلى علم واقع، هو باطل ولا نعتقد به، والقرآن الكريم كتاب هداية، ولا يجوز استخدامه في تلك الأمور.
ولم يثبت أيّ تأثير لعالم الأبراج وحركة الأفلاك في عالم الإنسان، أو استكشاف أوضاعه وأعماله من خلال الأفلاك، وقد وردت أحاديث في حرمة التّنجيم والنّهي عن تصديقه والعمل به، قال تعالى: {قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}[النمل: 65]، {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}[الأعراف: 188].ولا يجوز مشاركة تلك الأمور وتشجيعها، وإلا شارك المتابع والمشجّع الإثم، وقد ورد في الحديث الشّريف: «من صدّق كاهناً أو منجّماً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم».