وقفة مع رأس السنة الهجريّة


في الأوّل من شهر محرّم تبدأ سنة هجريّة جديدة، وهو التأريخ الذي اختاره المسلمون عنواناً للزمن الذي احتضن كلّ المسيرة الإسلاميّة، منذ انطلاقتها والى يومنا هذا، بنجاحاتها واخفاقاتها، وبحقّها وباطلها، وبعدلها وجورها، وبكلّ تقلّبات السلوك الانساني الذي لم يكن المسلمون بدعاً منه.
وتنفتح بنا ذكرى الهجرة النبوية، على حركة الإسلام الأولى في مكة، ومن أحد أهم دروس الهجرة النبوية الشريفة هو الوحدة الإسلامية، حيث كانت أولى خطوات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما قدم المدينة مهاجراً من مكة، هي بناؤه للمسجد الذي يجمع المسلمين على اسم الله، فلم يحسب نفسه على قبيلة دون أخرى عندما عرض عليه كلٌ ان ينزل عنده، ولم يؤاخ بين المسلمين، من مهاجرين وأنصار، المؤاخاة العامة فحسب مما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {انما المؤمنون اخوة}، بل آخى بينهم على المستوى الفردي أيضاً، بما جعل المجتمع الإسلامي يدخل في أجواء التواصل والتباذل والتراحم، وغابت عند ذلك الخصوصيات الشخصية أو القبلية التي كانت تشكل عناصر اثارة للصراع والقتال، وأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاهدة أسست للمواطنة التي انخرط فيها كل مجتمع المدينة، من مسلمين ويهود وغيرهم.حتى أنه قد نزل القرآن الكريم رافضاً لما صنعه بعضهم في بنائه مسجداً ضراراً الذي يهدف الى تفتيت لحمة المسلمين، ما يعطينا الفكرة التي ننقد فيها واقعنا، حيث أصبح فيه المسجد في كثير من الأحايين عنواناً للتقوقع ومايز عن الآخر، من خلال عناوين مذهبية أو حزبية أو قومية أو غير ذلك.