كلمات في الحسين


إنّنا نبكي على الحسين عليه السلام لا لنضعف وإنّما نبكي لتتجسّم المأساة في نفوسنا، لنمنع في كلّ عصر أيَّ يزيدٍ من ان يكرّر مأساة الحسين عليه السلام..نبكي لا لنضعف، بل لنقوى، نبكي كي لا ننسى الماساة، لأنّ الانسان اذا نسيَ المأساة، فانّه سوف يصافح الذين يصنعون المأساة..نستعيد مآسينا لا لنبكيَ، بل لكي لا ننسى المجرمين الذين صنعوا كلّ هذه المآسي، وكي لا يتحوّل المجرمون عندنا الى محرِّرين والى مصلِحين.
٭٭٭
ونبقى في مدى الزمن، مهما امتدّت السنون، نتطلَّع الى الحسين عليه السلام، ويبقى الحسين عليه السلام في عقولنا اماماً مفترض الطاعة، يحمل الرسالة ويبلّغها للناس ويتحمّل مسؤوليتها بكلِّ قوةٍ واخلاص..ونحن اذا ذكرنا الحسين عليه السلام ذكرنا الرسالة، وعشنا الرسالة، وتحمَّلنا مسؤولية التضحية من أجل الرسالة، وصبرنا على الأذى في حركة الرسالة، لأنّ الحسين عليه السلام كان رسالةً كلّه.
٭٭٭
ليس هناك موعد محدّد لنا مع الحسين عليه السلام، فكلّ الزمن موعدنا معه، نذكره في كل ساعة وفي كل يوم، نحبّه، نعشقه، نذوب فيه، وحتى عندما تتفجَّر دموعنا حزناً على مأساته، فانّها تكون دموع الحبِّ والاخلاص، دموع القضية بكل ما تتضمنه من قيم، وليس دموع العاطفة فقط.
٭٭٭
كانت كلماتُ الحسين عليه السلام تنطلق لتغيير الواقع الفاسد:
«أيّها الناس، ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل ولا بقول، كان حقاً على الله ان يدخله مدخله لأنَّ الساكت عن الحق شيطان أخرس وقد علمتم ان هؤلاء القوم بني أميّة قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطلَّوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلُّوا حرام الله، وحرَّموا حلاله، واني أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله».
لقد أراد عليه السلام للأمَّة ان تتحمَّل مسؤوليَّة تغيير الواقع الفاسد الذي يبتعد عن الخطِّ الإسلامي الأصيل، وقد تقدَّم الصفوف لمواجهة الحاكم الظالم، رافعاً صوته للتّغيير ولاصلاح الواقع الإسلامي، ولايزال هذا الصوت يتردّد في مدى الزمن، ولايزال يهيب بالأمة الإسلامية كلّها ان تحمل هذا الصوت الحسيني ليدوّي في كلِّ المدى، ولينتقل من جيل الى جيل، ليكون المسلمون أمةً متحركةً متغيرةً مجاهدةً منفتحةً على الحق في قضايا الإسلام والمسلمين.