من السيرة العطرة للإمام الجواد - عمار كاظم


عظمة أهل البيت عليهم السلام أنهم جمعوا في أشخاصهم شرف الإسلام من جميع أطرافه ، شرف النسب لأنهم شجرة النبوة أبناءً وأحفاداً ، وشرف العلم لأنهم ثمرة الرسالة عقيدة وأحكاماً وأخلاقا ، وشرف الجهاد صبرا وتضحية وشهادة . هذا البيت الذي كفل طهره ونقاءه وبقاءه رب العالمين وأرسى دعائم بنيانه خاتم النبيين فانبثق منه نور الإسلام الخالد وأنجب نماذج عملية من الكمالات الرسالية رجالا يمشون في الأسواق يأكلون ويشربون كما نأكل ونشرب ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة الحية جيلا بعد جيل ودهرا بعد دهر في صلابة العقيدة ورسوخ الإيمان وعلو العمة ودوام الإخلاص وعشق الشهادة وبذل الأرواح بسخاء لم يعرف تاريخ البشرية له نظير في سبيل الله تعالى فكانوا بحق وجدارة أولياء الله وأحباءه وأصفياءه وأوداءه فاختارهم الله تعالى قادة للأمة وحماة للدين وشهداء للرسالة الخالدين . الإمام محمد بن علي الجواد من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، الإمام الذي انفتح على خط الإمامة مبكرا والذي عاش بعد وفاة أبيه الإمام الرضا مسؤولية الإمامة وقد استطاع منذ حداثة سنه أن يظهر ثبات الإمامة وصلابتها وقد ساهم عليه السلام طيلة فترة إمامته في اغناء مدرسة أهل اليت العلمية وحفظ تراثها والتي امتازت في تلك المرحلة بالاعتماد على النص والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى الفهم والاستنباط من الكتاب والسنة بالاضافة إلى اهتمامها بالعلوم والمعارف العقلية التي ساهم الأئمة وتلامذتهم في إنمائها وإغنائها وتوسيع قدراتها حتى غدت صرخا شامخا وحصنا منيعا للفكر الإسلامي وللشريعة الإسلامية انطلق الإمام الجواد عليه السلام يعيش مع أصحابه ومع الناس من حوله مسؤولية الإمامة في توجيه الناس وفي تعويدهم على التسامح والانفتاح حتى مع الذين يختلفون معه في الرأي وقد كتب إليه شخص وقال له إني أبي ناصب من النواصب خبيث الرأي يبغضكم ويسبكم ويعاديكم وقد لقيت منه شدة وجهدا فرأيك في الدعاء لي وما ترى ، فكتب إليه الإمام الجواد عليه السلام : { قد فهمت كتابك ، وما ذكرته من أمر أبيك ، ولست أدع الدعاء لك إن شاء الله والمداراة خير من المكاشفه فلعله يميل إليك وإلى ما أنت فيه بعد ذلك ، ومع العسر يسر فاصبر فإن العاقبة للمتقين ثبتك الله على ولاية من توليت نحن وأنتم في وديعة الله الذي لا تضيع ودائعه } . وفي مورد آخر يقول رجل للإمام عليه السلام أوصني ، فقال عليه السلام : { توسد الصبر واعتنق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوى واعلم أنك لن تخلو من عين الله تعالى } عليك أن تنام على فراش الصبر بحيث إذا وجهتك الحياة في تحدياتها وبلائها فلا تسقط وإذا داهمك الفقر فلا تعمل على أساس أن تسقط بل اصبر أمام تحديات الألم والحرمان حتى يفرجها الله تعالى وارفض الشهوات لأنها تقودك إلى الابتعاد عن الحق وفقدان التوازن ودخول النار وادرس هوى نفسك فان كان يصدك عن الحق وينحرف بك عن الله فخالفه وتحرك في الحياة على أساس أن تراقب نفسك في كل صغيرة وكبيرة لأن الله تعالى يراقبك وإذا جاءك اليأس والاحباط فأعلم بأنك بعين الله ورعايته فانظر كيف يكون موقفك ومسيرك . فسلام على إمامنا محمد بن علي الجواد يوم ولد ويوم انتقل إلى جوار ربه ويوم يبعث حيا .