التَّخطيط للطلاق الإيجابيّ

الشّريعة الإسلامية لم تشجّع على الطّلاق، إنّما على الصّلح بين الزّوجين مهما أمكن ذلك، قال تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النّساء: 128]، ولكنّه يبقى الخيار الوحيد الّذي يُنهي حياة زوجيّة فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان.
وفي كثير من الأحيان، وتحديداً في حال وجود الأبناء، يكون الطّلاق نقطة البداية لا النّهاية للمزيد من الخلافات والصّراعات؛ نتيجةً لغياب مفهوم (الطّلاق النّاجح) الذي يستند إلى الاتّفاق على ترتيبات قبل الطّلاق وبعده، من دون اللّجوء إلى المحاكم وتصعيد الخلافات وتأزيم العلاقات، وشحن نفسيّة الأطفال بكلّ أنواع المشاعر السلبيّة، ليكونوا ضحيّةً لزواج وطلاق فاشلين.
لقد تحدث القرآن عن مفهوم الطّلاق النّاجح: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: 229]، وهذ الصورة المعاكسة لما يذهب إليه كثيرون حين يتحول الطلاق عندهم إلى وسيلة لممارسة أقسى وأبشع صور الانتقام والإهانة، لتدمير مشاعر الطّرف الآخر وسمعته.. فلا مجال للمقارنة بين من يبعث بورقة الطلاق مصحوبةً بأكياسٍ ملأها بجميع مستلزمات الزوجة، ثم يحرمها من رؤية أطفالها، ويعمل على تشويه سمعتها حتّى لا تتزوّج مرّةً أخرى، وبين من يبدأ بكتابة الفصل الأخير لتلك الحياة بأسلوب راق وحضاريّ، فيكون الاقتناع والرّضا المسبق قبل الطّلاق على وقت وقوعه المناسب، والنّفقة والحضانة وكلّ ما يتعلّق بالاستقرار النفسيّ والاجتماعيّ لأبنائهما.. فالطّلاق بالنسبة إليه انطلاق وليس انشقاقاً!
وإذا كان الهدف من الطّلاق هو التخلّص من حياة مريرة غير قابلة للاستمرار، واختيار أخرى، فإنه لابد من اجتياز مرحلة الطّلاق بأيسر ما يمكن، لكي يتم تخفيف ألم الماضي ويتوجّه إلى المستقبل، وأجمل قاعدة في ذلك قوله سبحانه: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}[البقرة: 237]، وهذا من دون شك يعتمد على قدر نضج الزّوجين ومستوى رقيّهما المعرفيّ، إذ سيكونان قادرين على الوصول إلى آليّة لطلاق ناجح، يعكس صورةً عن المبادئ والأخلاق الكريمة الّتي يتحلّى بها كلّ واحد منهما.