الامام علي بن موسى الرضا - عمار كاظم

حياة أهل البيت عليهم السلام مدرسة تفيض بالعطاء وتشع بالعلم والأدب وشخصياتهم قدوة في الأخلاق والفضيلة وكمال الصفات. فهم أول الناس اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وأقربهم للتمسك بسيرته والاهتداء بهديه. امتازوا بالأدب العالي والخلق الرفيع وحظوا بطهارة الذات وكمال النفس وقد تربوا على أدب النبوة وخلق الرسالة ، فمن أبرز سماتهم عليهم السلام طهارة الذات وسمو الملكات النفسية التي وهبهم الله تعالى برعاية منه وفضل فكانوا المطهرين من الرجس البعيدين عن الذنوب والمعاصي {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} ليكونوا قدوة للبشرية ودعاة للهدى والرشاد وقادة للإنسانية وأئمة للمسلمين. فسلوكهم يجسد مبادئ الرسالة حياة وعملا. والإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام من أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهو علم من أعلام الهدى والصلاح، فكانت حياته منارا للمهتدين ودليلا للسائرين في طريق التقوى والعبادة ومثلا أعلى في الأخلاق والسلوك المستقيم. وتتجسد أخلاقه وإنسانيته في تعامله مع الفقراء والخدم والعبيد والمساكين، فلا ينظر إليهم إلا بعين الأخوة في الله ووحدة النوع الإنساني ولا يفاضل بين نفسه وغيره إلا بالتقوى فقد كان عليه السلام إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم. وكان الإمام الرضا عليه السلام مفزع العلماء وملجأ أهل الفكر والمعرفة يناظر علماء التفسير ويحاور أهل الفلسفة والكلام ويرد على الزنادقة والغلاة ويوجه أهل الفقه والتشريع ويثبت قواعد الشريعة وأصول التوحيد فكان محور التوجيه ومركز الإشعاع ومنطلق الأصالة والنقاء. وقد شهد العلماء والفقهاء والحكماء بسعة علمه وإحاطته بمحتوى الكتاب المجيد وأسراره ومعارفه. ومما أوصى به تلميذه السيد عبدالعظيم الذي أرسله ليبلغ أولياءه ما يريده منهم لأنه كان يفكر بهم وفي أوضاعهم وفي كل ما يعيشونه ويراقب أوضاعهم {يا عبدالعظيم، أبلغ عني أوليائي السلام وقل لهم لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا وأمرهم بالصدق في الحديث وأداء الأمانة وأمرهم بالسكوت وترك الجدال في ما لا يعنيهم، واقبال بعضهم على بعض والمزاورة، فإن ذلك قربه إلي ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا فإني آليت على نفسي أنه من فعل ذلك وأسخط وليا من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب وكان في الآخرة من الخاسرين وعرفهم أن الله قد غفر لمحسنهم وتجاوز عن مسيئهم إلا من أشرك به أو آذى وليا من أوليائي أو أضمر له سوءاً فإن الله لا يغفر له حتى يرجع عنه، فإن رجع عنه وإلا نزع روح الإيمان من قلبه وخرج من ولايتي، ولم يكن له نصيب في ولايتنا وأعوذ بالله من ذلك}. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.