أحبك - الشيخ علي حسن - القاهرة

«قول الرجل للمرأة: اني أحبك، لا يذهب من قلبها أبدا» الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم..
هناك جعل تكويني سماوي للحب صنعه الخالق جل وعلا عند ارتباط الذكر والأنثى من خلال عُلقة الزوجية، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ ان خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا الَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ان فِي ذَلِكَ لآيات لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الروم:21.
وهناك جهد يبذله الزوجان لتعزيز هذا الحب وترسيخه وتنميته ليتأصل في الوجود الأسري، ويرسم لوحة رائعة للمشاعر الإنسانية الراقية..وللكلمة أثر الفرشاة في يد فنان مبدع.

تأثير عام:
ولا يقتصر الأثر الإيجابي لكلمة الحب وتعبيراتها المختلفة في اطار الحياة الزوجية، بل هي حالة طبيعية في الوجدان البشري والعلاقات البشرية بشكل عام، وهذا ما نلاحظه في الخبر التالي: (مر رجل في المسجد والامامان محمد الباقر وابنه جعفر الصادق عليهما السلام جالسان، فقال له بعض جلسائه: والله اني لأحب هذا الرجل. قال له أبو جعفر: ألا فأعلمه، فإنه أبقى للمودة وخير في الألفة).
كما ان ضعف هذا العامل المهم في تكوين مشاعر الحب، أعني التعبير بكلمات الحب للطرف الآخر، أو فُقد، كانت النتيجة كارثية!

من أسباب الطلاق:
في دراسة لوزارة العدل – ادارة الاستشارات الأسرية – بعنوان أسباب الطلاق بين الكويتيين حديثي عهد بالزواج، جاء من بين الأسباب المطروحة: (عدم ابداء الطرف الآخر كلمات الحب والاعجاب)، ووفق هذه الدراسة، فقد بلغت النسبة المئوية للموافقة لدى الذكور بأنه من أسباب الطلاق (%24.4) بينما ارتفعت لدى الإناث لتصل إلى (%43).
وتشير تجارب العاملات في مجال الإرشاد الأسري – كما تقول الدراسة – إلى أن هذا الأمر – أي ارتفاع النسبة لدى الاناث – يتفق مع الواقع الكويتي، فالكثير من الزوجات يشتكين من عدم إبداء الزوج لكلمات الاطراء والاعجاب، مما يجعل الحياة الزوجية بالنسبة لهن كئيبة ويشعرن بعدم حب الزوج لهن.

مكمن المشكلة:
ولم ذلك؟ تقول (آن موير) في كتابها (جنس الدماغ) (الرجال مكيفون على عدم التعبير عن مشاعرهم، ذلك لأن قدرتهم على الاحساس بالمشاعر مفصولة في أدمغتهم بتكوينها المادي عن قدرتهم على الإفصاح اللفظي بدرجات أكبر من النساء). وهذا يعني ان الرجل بحاجة الى ان يجاهد ويصارع هذا الفارق الخَلْقي، كي ينجح في دوام التعبير عن الحب وعن مشاعره لزوجته، ولربما يحتاج الى ان ينبّه نفسه ويدرّبها ويراقبها كي تتحول المسألة عنده الى مسألة تلقائية.
وفي المقابل على المرأة ان تتفهم وجود هذا الفارق بينها وبين الرجل، كي يزول اللبس الحاصل عند بعضهن بتصور ان الزوج لم يعد يحبها، ففي أحيان كثيرة لا تكون المسألة من باب أنه لم يعد يحبها، بل هي من باب ان هذه هي فطرته التي خُلق عليها.
ولربما لهذا نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحث على بصورة غير مباشرة على ان يقول الرجل للمرأة (أحبك)..فلو كانت المسألة تلقائية لانتفى الداعي.
وكذلك يفترض بالمرأة حينما تشعر بوجود مثل هذا البرود في التعبير عن الحب من قبل الزوج (فيما يُعبَّر عنه بالحب المكنون) ان تدفعه للتغلب عليها، فالمشكلة في دماغه لا في قلبه!

سحر المحبة:
ومن المؤسف لجوء بعض الزوجات الى المشعوذين والدجالين والسحرة لكتابة أو عمل شيء يجلب المحبة بحسب ادعائهم..وقد يبدو للبعض ألا مانع مما يقدمه هؤلاء من دجل باعتبار ذكر البسملة وبعض الآيات القرآنية واسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ضمن أعمال السحر المقدمة للزوجة، الا ان الواقع ان هؤلاء يدلسون ويخدعون طالبات (سحر المحبة) بمثل هذه الأسماء المقدسة والآيات القرآنية بهدف اضفاء الشرعية على أعمالهم أو لمزيد من خداع (عملائهم)! ولن يكون ذلك طريقا حقيقياً لشرعنة أعمالهم الشيطانية والباطلة.
وعلى كل حال سواء أكان لهذه الأعمال تأثير حقيقي أم لا، فان كل المبررات التي تقدمها الزوجة للجوء اليها لا تصمد بأجمعها أمام حقيقة ان هذه ممارسة كفرية، وفي الحديث النبوي: (من أتى ساحراً أو كاهنًا فسأله فصدّقه، فقد كفر بما أُنزل على محمد). وقد سألت امرأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ان لي زوجاً وبه علي غلظة، واني صنعت شيئاً سحر لأعطفه عليّ. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أف لك، كدّرتِ البحار وكدّرتِ الطين، ولعنتك الملائكة الأخيار وملائكة السماوات والأرض).