خطبة الجمعة ـ 6 شوال 1433 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الثاية : الحب بين الزوجين


عن النبي(ص): (قول الرجل للمرأة : إني أحبك، لا يذهب من قلبها أبدا) .
ـ هناك جعل تكويني سماوي للحب صنعه الخالق جل وعلا عند ارتباط الذكر والأنثى من خلال رابطة الزوجية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21.
ـ وهناك جهد يبذله الزوجان لتعزيز هذا الحب وترسيخه وتنميته ليتأصل في الوجود الأسري، ويرسم لوحة رائعة للمشاعر الإنسانية الراقية.. وللكلمة أثر الفرشاة في يد فنان مبدع.
ـ ولا يقتصر الأثر الإيجابي لكلمة الحب وتعبيراتها المختلفة في إطار الحياة الزوجية، بل هي حالة طبيعية في الوجدان البشري والعلاقات البشرية بشكل عام: (مر رجل في المسجد والإمامان محمد الباقر وابنه جعفر الصادق عليهما السلام جالسان، فقال له بعض جلسائه: والله إني لأحب هذا الرجل. قال له أبو جعفر: ألا فأعلمه، فإنه أبقى للمودة وخير في الألفة).
ـ وإن ضعف هذا العامل المهم في تكوين مشاعر الحب، أعني التعبير بكلمات الحب للطرف الآخر، أو فُقد، كانت النتيجة كارثية!
ـ في دراسة لوزارة العدل – إدارة الاستشارات الأسرية – بعنوان أسباب الطلاق بين الكويتيين حديثي
عهد بالزواج ، جاء من بين الأسباب المطروحة: (عدم إبداء الطرف الآخر كلمات الحب والإعجاب)، ووفق هذه الدراسة، فقد بلغت النسبة المئوية للموافقة لدى الذكور بأنه من أسباب الطلاق (24.4 %) بينما ارتفعت لدى الإناث لتصل إلى (43 %).
ـ وتشير تجارب العاملات في مجال الإرشاد الأسري – كما تقول الدراسة – إلى أن هذا الأمر – أي ارتفاع النسبة لدى الإناث – يتفق مع الواقع الكويتي، فالكثير من الزوجات يشتكين من عدم إبداء الزوج لكلمات الإطراء والإعجاب، مما يجعل الحياة الزوجية بالنسبة لهن كئيبة ويشعرن بعدم حب الزوج لهن.
ـ ولم ذلك؟ تقول (آن موير) في كتابها (جنس الدماغ) (الرجال مكيفون على عدم التعبير عن مشاعرهم، ذلك لأن قدرتهم على الإحساس بالمشاعر مفصولة في أدمغتهم بتكوينها المادي عن قدرتهم على الإفصاح اللفظي بدرجات أكبر من النساء).
ـ وهذا يعني أن الرجل بحاجة إلى أن يجاهد ويصارع هذا الفارق الخَلْقي، كي ينجح في دوام التعبير عن الحب وعن مشاعره لزوجته، ولربما يحتاج إلى أن ينبّه نفسه ويدرّبها ويراقبها كي تتحول المسألة عنده إلى مسألة تلقائية.
ـ وفي المقابل على المرأة أن تتفهم وجود هذا الفارق بينها وبين الرجل، كي يزول اللبس الحاصل عند بعضهن بتصور أن الزوج لم يعد يحبها، ففي أحيان كثيرة لا تكون المسألة من باب أنه لم يعد يحبها، بل هي من باب أن هذه هي فطرته التي خُلق عليها.
ـ ولربما لهذا نجد النبي(ص) يحث بصورة غير مباشرة على أن يقول الرجل للمرأة (أحبك)، فلو كانت المسألة تلقائية لانتفى الداعي.
ـ وكذلك يفترض بالمرأة حينما تشعر بوجود مثل هذا البرود في التعبير عن الحب من قبل الزوج (فيما يُعبَّر عنه بالحب المكنون) أن تدفعه للتغلب عليه، فالمشكلة في دماغه لا في قلبه!
ـ والمؤسف أن ينتشر ـ حتى في الأوساط المتدينة ـ اللجوء إلى بعض المشعوذين لكتابة أو عمل شئ يجلب محبة الزوج بحسب ادعائهم.. أملاً في اختصار الطريق لتحقيق الحب بين الطرفين، أو إعلاناً للفشل الشخصي من تحقيق ذلك بالطرق الطبيعية.
ـ وقد تقول المرأة أن البسملة والآيات القرآنية وذكر النبي(ص) موجودة ضمن (عمل المحبة)، ولكن الحقيقة أن هذه من وسائل خداع البسطاء والسذّج لئلا يستوحشوا من هكذا خزعبلات، ولكي ينفوا عن عملهم مسمى السحر.
ـ وسواء أكان تأثير مثل هذه الأعمال حقيقياً ـ كما يرى البعض ـ أو وهمياًً ـ كما يؤكد آخرون ـ فإن الكلمة الفصل عندنا ما روي عن النبي(ص): (من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزِل على محمد).
ـ وقد سألت امرأة النبي(ص): (إن لي زوجاً وبه عليّ غلظة، وإني صنعت شيئاً ـ سحر ـ لأعطفه عليّ. فقال رسول الله(ص): أفٍّ لك، كدّرتِ البحار وكدّرتِ الطين، ولعنتك الملائكة الأخيار وملائكة السماوات والأرض).