خطبة الجمعة ـ 22 رمضان 1433 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : النحوسة والتطير


عن محمد بن أحمد الدقاق قال: (كتبت إلى الرضا (ع) أسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور، فكتب(ع): مَن خرج يوم الأربعاء لا يدور، خلافاً على أهل الطيرة وُقي من كل آفة، وعوفي من كل عاهة، وقَضى الله له حاجته).
ـ بين أيدينا عدة روايات توجهنا إلى عدم الاستسلام إلى التطير، لاسيما القول بنحوسة بعض الأيام، بالنسبة إلى السفر أو غيرها. وفي الحديث النبوي: (من خرج يريد سفراً فرجع من طير فقد كفر بما أنزل على محمد (ص)) و (ليس منّا من تطيّر أو تُطيّر له) و (كفّارة الطيرة التوكلّ).
ـ قد تكون بعض الأيام شراً بالنسبة إلى البعض بأفعالهم القبيحة كما قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ) القمر:19. ولكن هذا لا يمتد في الزمن، وليس المراد به النحوسة بالمعنى الدارج لكي نتطير منها، بل بمعنى ارتباط ذلك اليوم بالشر والأحداث السيئة بالنسبة إلى أولئك القوم.
ـ نعم، هناك نهي عن السفر في بعض الأيام، ولكن قد يكون لجهة عبادية، مثل ما روي عن الصادق(ع): (يُكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة فأما بعد الصلاة فجائز يُتبرك به).
ـ وأقصى ما توجه إليه الروايات إذا خاف الإنسان من شئ سلبي قد يحدث له، أن يتوجه إلى الله بالدعاء بصور شتى، فعن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله(ع): (يكره السفر في شئ من الأيام المكروهة، مثل يوم الأربعاء وغيره؟ فقال: افتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك). و عن سفيان بن عمر قال: (كنت أنظر في النجوم فأعرفها، وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك شئ فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله (ع) فقال: إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين ثم امض فان الله عز وجل يدفع عنك). وعن علي (ع) عند خروجه إلى الشام: (اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في النفس والأهل والمال والولد. اللهم أنت الصاحب في السفر، وأنت الخليفة في الأهل، لا يجمعهما غيرُك).
ـ إن الله سبحانه يريد منا أن نعيش الإيمان في حياتنا في كل حركة، الإيمان الذي يزرع اليقين في القلب أن الأمور بيد الله، لينطلق الإنسان من خلال ذلك في الحياة متوكلاً على الله، دون أن يجعل مع الله قوةً مؤثرة تخالف مشيئته.. إن الله سبحانه يريد لنا أن نكون المتفائلين من خلال دراستنا للواقع، واكتشافنا المعطيات المشرقة داخل هذا الواقع، ومن خلال ابتهالنا إليه بأن يدفع عنّا كل سوء، ويجلب إلينا كلّ خير.