خطبة الجمعة 1 رمضان 1433 ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى : خطبة النبي في استقبل شهر رمضان


ـ روى ثامن أئمة أهل البيت الامام علي الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قد خطبنا ذات يوم فقال: أيّها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة. شهرٌ هو عند الله أفضلُ الشهور، و أيّامُه أفضلُ الأيّام، و لياليه أفضلُ الليالي، وساعاته أفضل السّاعات. هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، و جُعلتم فيه من أهل كرامة الله.
أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب. فسلوا الله ربَّكم بنيّات صادقة، وقلوبٍ طاهرة أن يوفِّقكم لصيامه، وتلاوةِ كتابه، فإنَّ الشقيَّ من حُرِم غفرانَ الله في هذا الشهر العظيم. واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوعَ يومِ القيامة وعطشَه، وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينِكم، ووقّروا كبارَكم، وارحموا صغارَكم، وصِلوا أرحامكم، واحفظوا ألسِنتَكم، وغُضُّوا عمّا لا يحلُّ النّظرُ إليه أبصارَكم، وعمّا لايحلُّ الاستماعُ إليه أسماعَكم، و تحنّنوا على أيتام النّاس يُتحنّن على أيتامكم.
وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديَكم بالدّعاء في أوقات صلواتِكم، فإنّها أفضلُ السّاعات، ينظر الله عزَّ وجلَّ فيها بالرَّحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجَوْه، ويلبّيهم إذا نادَوْه، ويستجيب لهم إذا دَعَوْه.
أيّها النّاس، إنَّ أنفسَكم مرهونةٌ بأعمالكم، ففُكُّوها باستغفاركم. وظهورَكم ثقيلةٌ من أوزارِكم، فخفّفوا عنها بطول سجودِكم، واعلموا أنَّ الله تعالى ذِكْرُه أقسم بعزَّته أنْ لا يعذِّب المصلّين والسّاجدين، وأنْ لا يروّعَهم بالنّار يوم يقومُ النّاس لربِّ العالمين.
أيّها النّاس، مَن فطًَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتقُ رقبة، ومغفرةٌ لما مضى من ذنوبه. قيل: يا رسول الله، و ليس كلّنا يقدر على ذلك! فقال عليه السّلام: اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة، اتّقوا النار ولو بشربةٍ من ماء.
أيُّها الناس، مَن حسَّن منكم في هذا الشهر خُلقَه، كان له جوازاً على الصّراط يوم تزلُّ فيه الأقدام، ومن خفّفَ في هذا الشهر عمّا ملكت يمينُه، خفّف الله عليه حسابَه، ومن كفَّ فيه شرَّه، كفَّ الله عنه غضبَه يوم يلقاه، ومن أكرمَ فيه يتيماً أكرمَه الله يوم يلقاه، ومن وَصل فيه رَحِمَه وصلَه الله برحمتِه يوم يلقاه، ومَن قطَع فيه رَحِمَه قطع الله عنه رحمتَه يوم يلقاه، ومن تطوَّع فيه بصلاة كتبَ الله له براءةً من النّار، ومن أدَّى فيه فرضاً كان له ثوابُ مَن أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه من الشّهور، ومن أكثر فيه من الصّلاة عليّ ثقّل الله ميزانه يوم تخفُّ الموازين، ومن تلا فيه آيةً من القرآن كان له مِثلُ أجرِ مَن ختم القرآن في غيره من الشّهور.
أيُّها الناس! إنَّ أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتّحة، فسلوا ربَّكم أن لا يُغلقُها عليكم، وأبوابَ النيران مغلّقة، فسلوا ربّكم أن لا يفتَحها عليكم، والشيّاطينَ مغلولة، فسلوا ربَّكم أن لا يسلّطَها عليكم.
قال أميرالمؤمنين عليه السّلام: فقمت فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضلُ الأعمال في هذا الشهر الورعُ عن محارمِ الله عزَّ و جلَّ.
ـ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِ شهرِ رمضان، وَإِجْلاَلَ حُرْمَتِهِ، والعملَ بطاعتك فيه في الليلِ والنهار إنك سميع مجيب.