في انتظار المهدي عليه السلام

سجلت كتب الحديث العديد من النصوص التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وآله أمته بما اطلع عليه من غيب يتعلق بتبليغ رسالته ومسيرة أمته، ليوضح لها الطريق وليضعها على الجادة، وقد أخبر صلى الله عليه وآله بظهور المصلح المهدي وثبت للأمة كثيراً من معالم الظهور فرواها المسلمون من مختلف مذاهبهم. فعن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وآله قال: «يكون في أمتي المهدي ان قصر فسبع وإلا فتسع فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتى أكلها ولا تدخر منهم شيئاً والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ». وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً يرضى عن ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحاً، فقال رجل ما صحاحاً؟ قال بالسوية بين الناس». وتؤكد الروايات في أن المهدي عليه السلام من قريش كما أخرج أحمد والمارودي ان النبي صلى الله عليه وآله قال: «أبشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي، يخرج في اختلاف من الناس وزلزال فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً». كما أخرج بن ماجة في سننه «كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من ولد فاطمة».
المهدي المنتظر عليه السلام ولد في النصف من شعبان سنة 255هـ في سامراء، وكانت ولادته في عهد الخليفة العباسي المهتدي. ولد عليه السلام في كنف أبيه الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام الذي أحاطه بالرعاية والسرية التامة خوفاً عليه. وجود المهدي عليه السلام يمثل الامتداد المتواصل للطف الإلهي الطف الذي دعي الإنسان الى انتظاره، هذا الانتظار مقرون بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وللدعوة الى الاسلام والجهاد في سبيله، لئلا تتعطل شريعة الهدى ويسود الظلم والفساد، وقد تحدث القرآن عن مسؤولية الإنسان المؤمن ودعاه الى طاعة الله والرسول المتمثلة بالعمل بكل ما جاء به النبي الهادي ودعا اليه الله بشكل جعل من الاستخلاف والتمكين في الأرض نتيجة طبيعية لطاعة الله والرسول وأثراً سببياً لها {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وأن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} (النور: 54). إن الدعوة الحقة التي دعا اليها القرآن وأوضحها رسول الله الهادي البشير هي دعوة العمل والجهاد والإصلاح في الوقت الذي تنتظر فيه البشرية ظهور المصلح الموعود ويمهد العاملون الإسلاميون لوراثة الصالحين ولمرحلة الاستخلاف المنتظر في الأرض. لابد من الاهتمام بقضية الإمام المهدي عليه السلام وربط الإنسانية بمصلح منتظر والعمل الجاد من أجل الالتحام بقيادته المرتقبة والسير تحت لواء مصلح عظيم لتنمية روح الجد في الإصلاح ولابد من الإكثار من الدعاء والتوجه الى الله سبحانه وتعالى أن يعجّل خروج هذا المصلح العظيم ليمارس دوره ومهمته.