وقفة مع شهر رجب - عمار كاظم

رجب الأصب بداية الاستعداد الروحي للإنسان المسلم لشهر رمضان المبارك الذي يجب أن نستعد له بشكل كبير حتى لا يأتينا على حين غرة بل نهيء أنفسنا لاستقباله على المستوى الروحي. ولشهر رجب حرمته كما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله {الا إن رجب شهر الله الأصم وهو شهر عظيم ، وإنما سمي بالأصم لأنه لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله ، إلا أن رجب شهر الله ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي ، ألا من صام من رجب إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله وأغلق عنه بابا من أبواب النار}. رجب شهر الاستغفار كما ورد في الحديث {رجب شهر الاستغفار لأمتي، فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم} فتتنوع فيه الأعمال وتتحقق الكثير من الأهداف التي يريد الله لعباده أن يحققوها .فهو شهر تنفتح فيه القلوب والعقول والجوارح بالعبادة على الله تعالى والطاعة له وطلب التوبة والاستغفار منه، هو شهر يختزن فيه الكثير من الذكريات والمناسبات العزيزة لاولئك الذين جعلهم الله سبحانه وتعالى نماذج وقدوة.
ففي غرة رجب يغمر بيت الرسالة الطاهر موج من السرور والبهجة احتفاء بميلاد الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام الذي بلغ الذروة في السمو نسبا وفكرا وخلقا ممن منحه أهلية للنهوض بأعباء الامامة والمرجعية الفكرية والاجتماعية للأمة. وفي شهر رجب نعيش الذكرى العطرة للإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام الذي تولى منصب الإمامة بعد أبيه الامام محمد الجواد فقد كان الإمام الهادي عليه السلام أحد أعلام أئمة الهدى علما بارزا من أعلام عصره في العلم والمعرفة وفي التقوى والعبادة وفي الوجاهة والقيادة والريادة فقد كرس حياته لخدمة الدين ونشر علوم الشريعة ومواجهة الطغاة والمتسلطين ولاقى من حكام عصره الملاحقة والإرهاب والتضييق. وفي رجب نعيش مع أهل البيت عليهم السلام في دعائهم ومناجاتهم، فالإمام زين العابدين يدعو في غرة رجب في حجر اسماعيل {يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين لكل مسألة منك سمع حاضر وجواب عتيد اللهم ومواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة فأسألك أن تصل على محمد وآل محمد وأن تقضي حوائجي للدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير} وما أكثر الأدعية والمناجاة في هذا الشهر الأصب المروية عن أهل البيت عليهم السلام التي تحبب المؤمن إلى ربه وخالقه سبحانه بالتحدث إليه وطلب المزيد من رضاه ورحمته ليستأنس بالدعاء والمناجاة إذا استوحش من الدنيا ويتلذذ بالقرب منه. إن فضائل شهر رجب عظيمة وقد ورد في الحديث {إذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح طويى للذاكرين وطوبى للطائعين}. فليكن هذا الشهر فرصتنا لتطهير النفوس والقلوب وانعاشها من الجفاف الروحي لنهيئها لاستقبال شهر الله شهر رمضان المبارك.