لقد كان للمرأة دور بارز وخطير في مسيرة الدعوة الإلهية وحركة الأنبياء والمرسلين، فقد ساهمت المرأة في الكفاح الفكري والسياسي وتحملت التعذيب والقتل والهجرة وصنوف المعاناة كلها والإرهاب الفكري والسياسي والجبروت وأعلنت رأيها بحرية وانضمت الى الدعوة الإلهية رغم ما أصابها من خسارة السلطة والجاه والمال والمطاردة والقتل والتشريد والإرهاب. وقد كان للمرأة موقع رائد وفعال في حياة الأنبياء ودعواتهم، فقد وقفت سارة زوجة نبي الله إبراهيم المؤمنة بدعوته ورفيقة جهاده، وقفت تسانده وتقف الى جنبه في جهاده ومعاناته وهجرته. ويتحدث لنا القرآن عن أم موسى وكيف حفظت موسى من ظلم فرعون لتكون أم النبي المنقذ الذي حطم أعظم طاغوت في تاريخ البشرية، كما أعطى القرآن نموذجا ومثلا أعلى للأجيال البشرية (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) التحريم / 11-12
وقدم القرآن الكريم المرأة الصالحة مثلا عمليا للرجال والنساء وطالبهم بالاقتداء بها، فقد جعلها مثلا أعلى وقدوة للرجال كما هي قدوة للنساء في العقيدة والموقف الاجتماعي والسياسي، إذ أن امرأة فرعون ملكة مصر وسيدة التاج والبلاط تحدت السلطة.. ومريم ابنة عمران تحدت كبرياء بني اسرائيل وتآمرهم وحربهم الدعائية ضدها.
ولقد جسدت أم المؤمنين خديجة عليها السلام الدور العقيدي الفريد، وهي سيدة المجتمع المرموقة في مكة، والسيدة الثرية صاحبة المال والجاه.. خديجة التي آمنت برسول الله وصدقته وبذلت أموالها الطائلة لنصرة الدعوة الإلهية ولاقت مع رسول الله صنوف الأذى والإضطهاد حتى قال النبي صلى الله عليه وآله: (ما أبدلني الله خيرا منها، كانت أم العيال، وربة البيت، آمنت بي حين كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقت منها الولد، وحُرمت من غيرها).. فانطلقت المرأة الى جنب الرجل في عملية التغيير الاجتماعي والفكري الذي حملته الدعوة الإسلامية فاستجابت لخطاب الدعوة وآمنت وجاهدت وهاجرت الى جنب الرجل فكان منهن الطليعة في الدعوة والبيعة والهجرة والجهاد والثقافة والمعرفة، كما كان فيهن المتعلمات اللواتي يلجأ إليهن الرجال في أخذ علوم الشريعة وأحكامها.
وكانت الزهراء عليها السلام المثل الأعلى في التقوى والإيمان والأخلاق كما في العلم والمعرفة التي وعتها عن أبيها صلى الله عليه وآله وسلم.. وفي كربلاء برز دور زينب بنت أمير المؤمنين بنت فاطمة الزهراء البتول حيث تحملت الصراع والمواجهة السياسية وحِمل رسالة الثورة بعد استشهاد أخيها الحسين عليه السلام.. زينب التي جسدت دور المرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الطغيان والفساد.
القرآن الكريم منح المرأة الصالحة الحب والولاء ودعى لها بالمغفرة والعفو والرحمة وأحاطها بهالة من نور.. المرأة التي سجل القرآن دورها.. المرأة التي مثالها آسيا زوجة فرعون ومريم أم المسيح وخديجة زوجة رسول الله وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وزينب بنت علي بن أبي طالب.
وعلى المرأة اللاهثة وراء سراب الحضارات المادية الذي وراءه مستنقع السقوط والاضطهاد، أن تعرف ما لها في الاسلام من قيمة وحق وتقدير، وعليها أن تعرف ان المنقذ لكرامتها هو مبادئ القرآن الكريم.. القرآن الذي صنع شخصيات بارزة كأم المؤمنين خديجة وسيدة النساء فاطمة الزهراء والحوراء زينب بنت علي أمير المؤمنين.. فهل نقتدي بهن؟