أحكام البنوك – 4 / المرجع الديني الشيخ محمد اسحق الفياض

تقسيم الأرباح وفق البديل الشرعي:

تقسم الأرباح بين المالك والعامل بمقتضى عقد المضاربة بنسبة مئوية، واما البنك فحيث انه ليس طرفا للعقد، فلا يتطلب العقد اشتراكه في الأرباح، ولكن بما ان قيامه بعملية المضاربة بين المالك والعامل وانجازها والاشراف عليها الى نهايتها عمل محترم، فمن حقه ان يأخذ عمولة لقاء هذا العمل، ويمكن تخريج ذلك فقهيا بوجوه:
الأول: ان يكون ذلك على أساس عقد الجعالة، فان المودع يطلب من البنك قيامه بعملية المضاربة لودائعه وانجازها والاشراف عليها لقاء جعل محدد ولا مانع من ذلك.
وقد تسأل هل يمكن جعل حصة من الربح للبنك على أساس عقد المضاربة أو لا؟
والجواب: لا يمكن، لان عقد المضاربة انما هو بين المودع والعامل والبنك ليس طرفا له، وانما هو وسيط بينهما في انجازه والاشراف عليه، وحينئذ فمن الطبيعي يكون مفاده اشتراك العامل مع المودع في الربح بنسبة مئوية دون غيره.
الثاني: ان يكون ذلك على أساس الاجارة، فيستأجر المودع البنك للقيام بعملية المضاربة لأمواله والاشراف عليها الى نهايتها لقاء اجرة معينة، على ألا تكون حصة من الربح بل من مصدر آخر، وذلك لسببين:
أ. لأن الحصة من الربح بنسبة مئوية مجهولة، بينما يعتبر في الاجارة معلومية الأجرة.
ب. لأن الأجرة لابد ان تكون قابلة للتمليك من قبل المودع حين العقد، على أساس ان الأجير انما يملك الأجرة بنفس العقد، والمفروض ان الربح غير موجود حين العقد حتى يملكه المودع للأجير.
الثالث: ان يكون ذلك على أساس شرط النتيجة، فيشترط البنك على المودع في عقد ما ان يكون مالكا لحصة معينة من الربح اذا ظهر.
الرابع: ان يكون ذلك على أساس شرط الفعل، فيشترط البنك على المودع ان يعطي مبلغا معينا من الربح ازاء ما قام له من الخدمات، وهي قيامه بعقد المضاربة على أمواله وانجازها والاشراف عليها.
الخامس: ان يكون ذلك على أساس أجرة المثل التي يتقاضاها الاجراء للقيام بمثل هذا العمل.
ثم ان من حق البنك ان يطلب من العامل المضارب أيضا عمولة لقاء ما قدمه له من الخدمة، وهي تقديم الأموال له للمضاربة والاستثمار واتاحة الفرص وتوفير المناخ المناسب لنجاحها، وتقديم المعلومات له عن أوضاع السوق ومؤشراته، ويمكن تخريج ذلك فقهيا أيضا بأحد الوجوه المتقدمة، وهناك جوانب اخرى لابد من مراعاتها: منها: تعيين الوقت لعقد المضاربة مع عملائه وتمديده حسب الظروف المالية والودائع المجمعة عنده، واعلان ذلك لعملائه، وطلب حضورهم فيه بشروط محددة.
ومنها: تحديد أرباح المضاربات التي تمت بواسطتها في نهاية مدتها ومعرفتها.
ومنها: كيفية توزيعها على نسبة رؤوس الأموال للمضاربة.