سيدة نساء العالمين _ عمار كاظم


فاطمة الزهراء عليها السلام ثمرة زواج عظيمين محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وأم المؤمنين خديجة عليها السلام. نشأت في البيت النبوي وساهمت في بناء هذا الصرح النبوي الشامخ ورعت أبيها النبي حامل الرسالة السماوية وغمرها النبي صلى الله عليه وآله بحبه العظيم حتى قال في حقها (أم أبيها). ولدت الزهراء عليها السلام وهي تحمل روح رسول الله وصفاته وأخلاقه، فكانت الوارث والشبيه ودرجت في بيت النبوة وترعرعت في ظلال الوحي ورضعت من خديجة حب الإيمان ومكارم الأخلاق وحنان الأب الرسول وعاشت فاطمة عليها السلام وتشبعت روحها بالحنان النبوي الكريم، وعاشت الزهراء عليها السلام مع زوجها علي أمير المؤمنين عليه السلام الذي عاش معها روحه وعاش معها جهاده لقد جعلت من بيتها حصناً ومهداً للرسالة ومنزلاً إسلامياً يفيض بالخشوع والرحمة وتتألق فيه القيم الإسلامية، جعلته بيتاً لله وللطهارة وللحق وللعدل والرحمة والمحبة من خلال روحانيتها وعبادتها وزهدها وعقلها واستقامتها التي منحتها لهذا البيت فصار جوه جواً إسلامياً متكاملاً بحيث استطاع علي عليه السلام أن يجد فيه الراحة والسعادة والانطلاقة والانفتاح. كان علي عليه السلام يدخل البيت فيرى الإسلام يحيط به من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فصار يتنفس الإسلام في البيت مع ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله كما كان يتنفس الإسلام في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الزهراء عليها السلام الوفية المخلصة لزوجها المنسجمة معه روحاً وروحانية وكانت زوجة كأعظم ما تكون الزوجات وفاءً وإخلاصاً. لقد عاشت الزهراء مع علي عليهما السلام فكانت تناغي بروحها روحه وتضم عواطفها الى عواطفه وتعطيه المحبة وتشاركه الهموم وتخفف عنه الأحزان، كانت سلوته الوحيدة في الزمن الذي عزّ فيه الصديق وغدر فيه الزمان وقلّ فيه الناصر والمعين وكانت تجسد رسول الله صلى الله عليه وآله أمام ناظريه في كل أقوالها وأفعالها. لقد تحملت الزهراء عليها السلام مسؤولياتها كربة بيت وأجهدت نفسها في إدارة شؤون هذا البيت وإعداد أولادها إعداداً إسلامياً نموذجياً وتعليمهم معنى الجهاد في سبيل الله سلماً كان الجهاد كما كان في قضية ابنها الإمام الحسن عليه السلام أو حرباً كما في قضية ابنها الإمام الحسين عليه السلام. كما أعدت الزهراء ابنتها زينب عليها السلام إعداداً رسالياً وربتها على القيم والفضائل الإسلامية. فكان دور زينب عليها السلام شبيهاً بدور أمها جهاداً من أجل قضية الحق وتحديها كان كتحدي أمها في مواجهة الظالمين. إنه النموذج القدوة للزهراء عليها السلام التي تساهم في بناء الأسرة والأبناء والمجتمع الإسلامي وقدوة للمرأة المسلمة والمثل الأعلى للزوجة الصالحة، ودوّنت في حياتها عليها السلام الدروس العملية التي يجب أن تتلقاها أجيال النساء والفتيات في هذه الأمة المسلمة فيتعلمن حياة الإيمان ويكشفن عمق الأثر العلمي البنّاء الذي تتركه عقيدة التوحيد في حياة المرأة المسلمة فتشارك الرجل في حياته وجهاده ومهمات رسالته بعيدة عن اللهو والعبث والضياع مشغولة بالعطاء الاجتماعي والبناء الروحي وحمل الرسالة وصناعة الأجيال.