زينب : الكلمة الخالدة / عمار كاظم

عملت الأحكام والقيم الإسلامية وعلى امتداد نزول القرآن الكريم على تحرير المرأة من قيود الجاهلية واستبدال المفاهيم والقيم الجاهلية بالمفاهيم والقيم الإسلامية، وقد فضل الإسلام الإنسان المستقيم السلوك على الإنسان المنحرف السلوك وبغض النظر عن أنه ذكر أو أنثى {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} ص/28. فالمرأة المستقيمة السلوك والعقيدة هي في منطق القرآن أفضل من الرجل المنحرف السلوك والعقيدة، والقرآن ينطلق في التعامل مع المرأة من منطلق الحقوق الإنسانية كما ينطلق في التعامل مع الرجل من المنطلق ذاته ثم يتعامل معها كزوجة وأم وبنت وأخت.. الخ، وقد منح القرآن الكريم المرأة الصالحة الحب والولاء ودعى لها بالمغفرة والعفو والرحمة وأحاطها بهالة من نور وهي المرأة التي مثالها آسية زوجة فرعون، ومريم أم المسيح عليه السلام، وخديجة زوج محمد نبي الله صلى الله عليه وآله، وفاطمة ابنته، وزينب بنت علي عليه السلام.. زينب التي عاشت العناية الإلهية من خلال عناية جدها رسول الله ورعاية أبويها علي وفاطمة والكل ينظر إليها نظرة العطف والحنان ويقرأ في شخصيتها المستقبل المحزن والفاجعة المروعة لآل محمد عليهم السلام.
زينب التي شهدت أحداث التحاق نبي الله بالرفيق الأعلى ولوعة أمها ومرارة أحزانها وشكوى الفراق بعدها.. فقدت زينب أمها ففقدت فيها حب الأمومة وحنانها.. وتعيش مع أبيها أمير المؤمنين عليه السلام محاطة بحبه وعنايته وفيض هديه ومكارم خلقه. زينب التي انطلقت في بنائها الذاتي ورسالتها انطلقت من البيت الذي بناه أبوها علي بن أبي طالب عليه السلام مع أمها فاطمة الزهراء عليها السلام في ظل جدها رسول الله صلى الله عليه وآله، فحملت زينب عليها السلام رسالية رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخلاقه وشجاعة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام، وعبادة أمها وعلمها، وهدى أخويها الحسن والحسين عليهما السلام، فكانت العالمة والعابدة، وكانت الموجهة والمعلمة للقرآن، الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، والتي كان صوتها لا يرتفع إلا بالحق في كل الأماكن العامة والخاصة لتكون بذلك سندا وقوة للإسلام.. ولم تكن تغلق أبوابها عن أي حوار ونقاش هادئ ورصين.
زينب عليها السلام الكلمة الخالدة في فم التاريخ والصوت المدوي عبر الأصيل والموقف الرائد في عالم الثورة والتحدي للظلم والطغيان والمعلمة المتألقة في دنيا المرأة والجهاد. حق أن تكون زينب عليها السلام التي عرفها التاريخ بكل ما تجسد فيها من صفات وحق أن تكون القدوة المرأة في عالم الأدب والسياسة والخلق والدين.
زينب صاحبة المواقف التي جسدت دور المرأة المسلمة في السياسة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الطغيان والفساد.. زينب التي انطلقت في خطاباتها مقرعة الجبناء المتخاذلين عن نصرة الحسين عليه السلام. فسلام على زينب بنت علي بن أبي طالب وستبقى خالدة في قلوب السائرين على نهج رسول الله وآله الطاهرين.