خطبة الشيخ علي حسن غلوم حول حديث الفرقة الناجية ج2


ألقيت الخطبة في 24 أكتوبر 2008

ـ كل فرقة تتمسك بأنها الفرقة الناجية بالحديث: [إنّ أُمّتي تفترق على ثلاث وسبعين فرقة]... حتى بات مضمون هذا الحديث من محفّزات التراشق بالكفر ومبررات التكفير.
ـ لحساسيته يستدعي دراسته مجدداً سنداً ومتناً وإسقاطاً على الواقع، وهذا ما قام به السبحاني.
سند الحديث:
ـ ابن حزم في (الفصل في الأهواء والملل) [ هذان حديثان لا يصحان أصلاً من طريق الأسناد، وما كان هكذا فليس حجّة عند من يقول بخبر الواحد، فكيف من لا يقول به؟! ].
ـ الحاكم النيسابوري ادعى روايته عن سند صحيح يرتضيه الشيخان، ولكن الذهبي استشكل في أحدهم، فإذا كان هذا حال السند الذي بذل الحاكم جهده لتصحيحه، فكيف حال سائر الأسانيد؟! وهكذا ضعّف الحديث الشيخ محمد زاهد الكوثري في تعليقه على ما رواه أبو داود والترمذي في سننهما، وابن ماجة في صحيحه.
نص الحديث:
1ـ الاختلاف في عدد الفرق، هل كلهم71 أو اليهود 71 والنصارى 72، أوغير ذلك مما اضطربت فيه الروايات.
2 ـ الاختلاف في عدد الناجين والهالكين، أكثرها تصرّح بنجاة واحدة وهلاك الباقين، بينما قال شمس الدين البشاري في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم): [ إنّ حديث (اثنتان وسبعون في الجنة وواحدة في النار) أصحّ إسناداً، وحديث (اثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية) أشهر] !
3ـ الاختلاف في تعيين معيار نجاة الفرقة الناجية، ففي نص أنه (الجماعة) وفي آخر (الإسلام وجماعتهم) و في ثالث (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) و آخر (أنا ـ أي النبي ـ وشيعتي).
قال الشيخ محمد عبده في تفسيره: [ أمّا تعيين أي فرقة هي الناجية، أي التي تكون على ما كان النبي عليه وأصحابه، فلم يتعيّن إلى الآن، فإنّ كلّ طائفة ممّن يذعن لنبينا بالرسالة تجعل نفسها على ما كان عليه النبي وأصحابه... وممّا يسرني ما جاء في حديث آخر أنّ الهالك منهم واحدة ].
ـ تحديد الفرق، أما الفرعية فتجاوزت العدد بكثير، وأما الأصلية فهي لا تتجاوز العشرة.
ـ ثم تعرّض العلامة السبحاني إلى تفصيل الكلام في كل معيار من تلك المعايير مبيّناً التناقضات التي تستدعيها.. ـ رده على القرضاوي: [ لقد أكّدتم سماحة الشيخ من جهة علی كون الشيعة مبتدعة، ومن جهة ثانية أكّدتم أنّ الفرقة الناجية هم أهل السنة، مستنداً في ذلك إلی الحديث المعروف: (ستفترق أمتي إلی ثلاث وسبعين فرقة)، هنا نسأل سماحتكم ما هي الحصيلة التي يخرج بها شاب متعصب من شباب أهل السنّة؟ أليست هي القيام بربط حزام ناسف من المتفجرات ليقوم بقتل العشرات من الشباب والأطفال والنساء من المؤمنين في مدن العراق وغيرها من البلدان الإسلامية، وهذا ما يقوم به العشرات من الشباب الأردني والسعودي والأفغاني والمغربي مستندين في عملهم هذا إلی فتاوی تكفرية ومواقف إقصائية يقوم بها بعض الرجال المحسوبين علی العلم والفتوی، حتی وصل الأمر إلی حد تقيم عائلة الانتحاري الأردني الذي فجّر نفسه في أوساط المؤمنين في مدينة الحلة العراقية مجلس عرس تتلقی فيه التهاني والتبريك بتلك المناسبة.
الحديث قد ضعّفه المحقّقون في علم الحديث، وعلی فرض وجود سند معتبر للحديث فلا يصحّ الاستناد إلی حديث آحاد لإثبات مثل هذا الأصل، واعتبار اثنتين وسبعين فرقة من فرق المسلمين من أصحاب النار وحصر أصحاب الجنة في فرقة واحدة....
إنّ الأجدر بالإخوة أن يستندوا في عقائدهم إلی الحديث الذي رواه البخاري حيث قال: [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلّ أمتي يدخلون الجنّة إلا من أبی. قالوا: يا رسول الله ومن يأبی؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبی)، فقد حدد الحديث الملاك في دخول الجنة والنار في إطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعصيانه، ومن الواضح أنّ العصيان والتمرّد يصدق في حالة كون الإنسان لا يملك الحجة والدليل المعقول علی عمله ].