ملامح من شخصية رسول الله - عمار كاظم

إن شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله أعدها الله تعالى وهيأها لحمل الرسالة وأداء الأمانة الكبرى لإنقاذ البشرية وليكون نبيا وهاديا للبشرية جمعاء . هذا النبي الكريم الذي كانت شخصيته من نمط خاص فكرا وعملا وعلى المستويين الفردي والجماعي ، وليطلق صوته في مكة (إني رسول الله أدعوكم إلى الله وترك عبادة الأصنام) لتتحرك قريش لتقف بوجه الإسلام ودعائه وتتصدى لرسول الله بكل أسلوب وقوة تملكها من حرب نفسية، تمثلت بالسخرية والاستهزاء والاستخفاف إلى الحرب النفسية لتطالب من عمه أبو طالب مؤمن قريش وزعيمها للتدخل وطلب الكف من رسول الله لدعوته.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله يواصل مسيرته المباركة بثقة وصبر وإيمان فصعدت قريش عداوتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وتجرؤها عليه بدفعهم لصبيانهم وعبيدهم لإيذائه ومواجهته بالكلمات النابية وانطلقوا يشككون من صدق رسول الله ويتهمونه إلى أن تصاعدت المحنة واشتد أذى قريش فاستخدموا الارهاب والتعذيب. وحدثنا التاريخ عن صمود أصحاب رسول الله وثباتهم على منهج الاسلام ومواصلة السير في طريق ذات الشوكة رغم وحشية التعذيب ودون لنا التاريخ صورا من الملحمة الخالدة التي انتصرت فيها الارادة الحرة وكلمة التوحيد وقيم الهدى على الإرهاب والتعذيب والخرافة والجهل .
كان ثبات رسول الله وبسالته في خوض معركة التغيير الاجتماعي الكبرى من أجل اخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية الله الواحد الأحد في واقع متألب عليه صادّ عنه يكيد له ولدعوته وثباته في المعارك التي خاضها في مواجهة المشركين ، ونقض اليهود المخالفين لحلفهم ، وتحركات المناهضين في الداخل وتخلخل الجبهة الداخلية . رسول الله صلى الله عليه وآله في دعوته لم يدعنا إلى نفسه أو زعامته ولم يدعنا إلى عشيرته أو أي شئ يخصه، إنما دعانا إلى الله تعالى كما دعا نفسه إلى الله، آمن بالرسالة ودعانا إلى الإيمان بها، وصدّق الرسالة ودعانا إلى التصديق بها، وعبد الله ودعانا إلى عبادته، فهو المسلم الأول في إيمانه والأول في جهاده وصبره وإخلاصه لله سبحانه وتعالى. لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله الخطوة الأولى وشق لنا الطريق لنأخذ منه صلاته وصيامه وحجه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وجهاده في سبيل الله، لنأخذ منه تسامحه ولينه في كرمه وصلابته في دينه وشدته في مواجهة التحديات .
جاء رسول الله بالصدق وأرادنا أن نصدّق به كما صدّق هو به، فرسول الله كان عبدا مخلصا لله تعالى وجاء ليركز في حياة كل منا إخلاصا وارتباطا بالله تعالى . رسول الله صلى الله عليه وآله بقلبه الكبير الذي اتسع للجميع ـ ولأنه كان يريد لكل الناس أن يدخلون إلى دين الله ـ فقد فتح قلوب الناس فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران:159. يجب علينا أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وآله الذي انطلق ليكون التجسيد الحي لكل القيم والأخلاق الإسلامية والذي جسد القرآن كله فكان خلقه العظيم في نفسه ومع عياله ومع الناس الذين يدعوهم إلى الله ومع الناس الذين يسالمهم ويحاربهم. كان صلى الله عليه وآله عظيما في كل خلقه لذلك أمرنا الله تعالى أن نقتدي به ونتآسى بسيرته المباركة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)