النجف عاصمة الثقافة الإسلامية 2012

تم اختيار النَّجف الأشرف كعاصمةٍ للثَّقافة الاسلاميَّة لعام 2012 من قبل المؤتمر الاسلامي السادس لوزراء الثقافة للدول الاسلامية، وحول هذا الموضوع تحدث سماحة الشّيخ علي مرزة

مسؤول الفعاليات الثقافية الخاصة بهذه المناسبة، وهو عضو مجلس محافظة النجف الأشرف ومسؤول العتبات المقدّسة في النجف، الى جانب كونه رئيس مركز النجف الأشرف للتأليف

والتوثيق والنشر. قال:
ان النَّجف تعيش في الوجدان الاسلاميّ أينما كانت، لأنَّها تمثِّل عاصمة الثّقافة تاريخيّاً وحاضراً ومستقبلاً. لذلك، هي لا تحتاج الى استعداداتٍ ولا الى شيءٍ جديد، وانَّما هو ارثٌ علميّ يرجع

تاريخه الى أكثر من ألف عام. نعم، في هذه المناسبة الرَّسميَّة، نحتاج الى اظهار ما تزخر به النّجف الأشرف مما دوَّنته من معارف في جميع العلوم، لا في علم الفقه والأصول فقط، وانَّما في جميع

العلوم. وفي الحقيقة، فانَّ الظَّالمين لم يفسحوا لهذا التَّدوين المجال، وانَّما حصروه قهراً في زوايا الطّابق الأرضيّ لبيوتات النّجف الأشرف، واذا خرجت منه ورقة، فانّ ذلك كان سيكلّف

حاملها الشَّيء الكثير. ولذلك، استشهد من أجل ذلك، ومن أجل الحفاظ على هذا التّراث، مئات الآلاف من أبناء النَّجف الأشرف.
ومن جملة العوائق، ان الوقت لم يكن كافياً، ولم يكن لنا شيء بعدُ على الأرض، لا من حيث الانشاء والبناء، ولا من حيث تأمين بناءٍ يحتضن الفعاليّات العلميّة والثّقافيّة في النّجف

الأشرف.. ولكن عندما وقع كما يقولون الفأس على رؤوسنا، شعرنا بأنَّ هناك مسؤوليّةً.. فأنشأنا المدينة الثقافيَّة، الّتي هي أكبر بناء ثقافيّ في الشَّرق الأوسط، على الرغم من قصر الفترة

الزمنيَّة، وهو يحتوي على قاعتين، القاعة الأولى للمؤتمرات، وتسع 2500 شخص، وفيها قاعة أخرى للمسرح الفنّيّ، كما يوجد فيها بناء من ثلاثة طوابق، الطابق الأوّل سيُملأ بمتحف النّجف

الأشرف الوطنيّ، وهو ما يقع على عاتق وزارة الآثار والثَّقافة، والّتي سوف تجلب ما هو مختصّ بالنّجف الأشرف من آثار. أمّا الطّابق الثّاني، فمختصّ بمتحف مشاهير النّجف، ونحن عملنا

الى الآن نصف العمل في هذا المتحف، حيث انجزنا العمل على تسع وخمسين شخصيّة من مشاهير النَّجف، تبتدئ بالشيخ الطوسي، وتنتهي بعصرنا الحاضر. وقد أخذنا من العلماء الأحياء

واحداً فقط، وهو الشّيخ باقر القرشي، لأنّه رجل كبير ومعطاء. وهذا المتحف ينقسم الى عدّة غرف، ومن جملة الغرف، غرفة العلماء اللّبنانيّين، الّذين ولدوا وعاشوا في النّجف، ومنهم

السيّد محمد حسين فضل الله، والشّيخ محمد مهدي شمس الدين، والسيّد عبد الحسين شرف الدين، والشّيخ محمد جواد مغنيّة.
وأضاف: ان ما يميِّز حوزة النّجف الأشرف عن بقيَّة الحوزات والمدارس، أنَّها منفتحة على العالم كلّه في مختلف حضاراته الدّينيَّة الّتي تؤمن بالغيب، وغير الدّينيّة التي تؤمن بالمادَّة، فهي متميِّزة

في كثيرٍ من الأمور، لأنَّها تحمل الحجَّة البالغة، وتحاكي العقول، وقد اشتهر عن النَّجف الأشرف عبارة: (نحن أبناء الدَّليل، أينما مال نميل). نحن لم نضع الحواجز أمام أيِّ انسانٍ أو أيِّ فرقةٍ أو

أيِّ مدرسةٍ فكريَّة، وقد كانت هذه ميزة النَّجف، والفكر الشّيعيّ جعل باب الاجتهاد مفتوحاً، بمعنى أنّه يأخذ بكلِّ الاستنباطات، ويراعي كلَّ المدارس، فهو يقرأها بتفحّصٍ وعلمٍ وتدقيق،

فأينما يشاهد الدَّليل يأخذ به، وهو له رأيه المستقلّ، وهذا ليس ادّعاءً، وان شاء الله، ما سنعرضه في مدينة النَّجف، وبمناسبة اعلانها عاصمة الثَّقافة الاسلاميَّة، من المواثيق الكتبيّة

والصّوريّة، سيتبيّن من خلاله ان مدرسة النّجف الأشرف لم تكن منغلقةً أبداً.