في رحاب الإمام الحسن العسكري - عمار كاظم

هو الامام الحسن العسكري ابن علي الهادي حفيد الرضا عليهم السلام.. عاش في موقع الامامة من أجل فتح عقول الناس وقلوبهم على الاسلام الأصيل الذي انطلق به رسول الله صلى

الله عليه وآله وسار في نهجه أئمة أهل البيت عليهم السلام، باعتبار أنهم أمناء على الرسالة، وأنهم خلفاء الله في أرضه، وحججه على عباده. وقد أخذ عنه الكثير من الرواة والعلماء، واستطاع

ان ينال ثقة أهل زمانه، وقد بلغ عدد الرواة عنه 149 محدِّثاً.
وقد عانى الامام عليه السلام من حكام عصره ومواجهتهم لنشاطه، واستعملوا معه شتى الوسائل من السجن ومحاولات القتل والارهاب والمراقبة لمنعه من ممارسة مسؤولياته في الأمة. فقد

زج الامام عليه السلام في السجن وحبس مرات عديدة وخُطِّط لقتله، كما زُجَّ بأصحابه في السجون والمعتقلات. وقد خاض عليه السلام ملاحم الكفاح العقائدي من أجل الحفاظ على أصالة

ونقاء الاسلام من كل دخيل.
وقد أنشأ عليه السلام مدرسته العلمية وحدد معالمها من خلال نشاطها العلمي في اعداد ثلة من الرواة والتلامذة ومن خلال مراسلاته وأجوبته ومحاوراته وبث العلوم والمعارف والفتاوى،

فزخرت مدرسته بالعلم والدعوة الى الاسلام والدفاع عنه ونشر المعارف الاسلامية.وقد كان عليه السلام يلاحق التغير الثقافي في مواجهة الفكر الاسلامي بحيث كان يلاحق المفكرين في

زمانه وخصوصاً الذين يعملون على تهديم الأسس العقيدية والثقافية للاسلام، وكان عليه السلام يتابع بدقة ما يجري على الساحة الفكرية في عهده ويناقش الأفكار المنحرفة التي تطرح هنا

وهناك وكان يواجهها بالحق وبالأسلوب العلمي.
وقد حدثنا التاريخ عن عبادة الامام الحسن العسكري عليه السلام في السجن وتعلّقه بالله سبحانه، فقد روى محمد بن اسماعيل عليه السلام ان الامام وهو في السجن كان يصوم النهار

ويقوم الليل كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وفي رواية أخرى يتحدث فيها من أشرف على سجنه: (ما تقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة،

فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا). هكذا كانت عبادته عليه السلام وزهده وامضاء وقته في السجن في الذكر والعبادة والتوجه الى الله سبحانه، مما جعله يؤثّر

فيمن وُكِّل بسجنه وتعذيبه، فكان عليه السلام مصباحاً يضيء ما حوله، وشجرة مثمرة ينتفع بها ساقِيها ومَن يرميها بالحجر.ومن وصية للامام عليه السلام كتبها الى أحد أصحابه: (أوصيك

بتقوى الله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة، فانه لا تُقبل الصلاة من مانع الزكاة، وأوصيك بمغفرة الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم ومواساة الاخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر والحلم

عند الجهل والتفقه في الدين والتثبت في الأمور والتعاهد بالقرآن وحسن الخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل فان النبي صلى الله عليه

وآله أوصى علياً فقال: «يا علي عليك بصلاة الليل» ومن استخف بصلاة الليل فليس منا. اعمل بوصيتي وأمُرْ جميعَ شيعتي بما أمرتُكَ به حتى يعملوا عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج،

فان النبي صلى الله عليه وآله قال: «أفضلُ أعمالِ أمتي انتظار الفرج»).
هكذا ربّى الامام عليه السلام أتباعه وتلامذته على مكارم الأخلاق وقيم الاسلام والتمسك بها ليكونوا قدوة في العلم والزهد والعبادة والخلق والجهاد.فالسلام عليك يا مولاي يا أبا محمد

الحسن بن على العسكري ورحمة الله وبركاته.
amak_14@yahoo.com