لكم في رسول الله أسوة حسنة - عمار كاظم

عاش رسول الله صلى الله عليه وآله عظيماً في فكره ووعيه، قمة في عبادته وتعلقه بربه الأعلى، رائدا في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعا، مثاليا في حسم

الموقف والصدق في المواطن ومواجهة المحن، فما من فضيلة إلا ورسول الله سابق اليها، وما من مكرمة الا وهو متقلد لها.ومهما قيل من ثناء على أخلاقه السامية فان

ثناء الله تعالى عليه في كتابه العزيز يظل أدق تعبير وأصدق وصف لمواصفات شخصيته العظيمة دون سواه {وَانَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} يعجز كل قلم وكل تصور وبيان

عن تحديد عظمته، فهي شهادة من الله تبارك وتعالى على عظمة أخلاق الرسول وسمو سجاياه وعلو شأنه في مضمار التعامل مع ربه ونفسه ومجتمعه، لذلك جاء التعليم

الالهي بوجوب سلوك سبيل رسول الله صلى الله عليه وآله من لدن أمته بامتدادها التاريخي في القول والعمل والأنشطة كافة {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ

حَسَنَةٌ}.
ويحدثنا سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله الامام الحسين عليه السلام عن مجلس رسول الله (كان رسول الله لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر الله جل اسمه

ولا يوطن الأماكن وينهى عن ابطانها، واذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك يعطي كلا من جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه ان أحدا

أكرم عليه منه، ومن سأله حاجة لم يرده الا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطة وخلقة، فكان لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم

وحياء وصبر وأمانة ولا ترفع فيه الأصوات ولا يوهن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته، متعادلون متفاضلون فيه بالتقوى متواضعون يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير

ويؤثرون ذا حاجة ويحفظون الغريب).ويضيف عليه السلام عن سيرته مع جلسائه (كان رسول الله دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا

صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والاكثار وما لا يعنيه) وترك الناس

من ثلاث (كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم الا فيما يرجو ثوابه، واذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فاذا سكت تكلموا ولا

يتنازعون عنده الحديث متى تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في

منطقه ومسألته حتى ان كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول اذا رأيتم طلب الحاجة يطلبها فأرفدوه ولا يقبل الثناء الا من مكافئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز

فيقطعه بانتهاء أو قيام).
رسول الله صلى الله عليه وآله شديد إلى أقصى حدود الشدة وقوي إلى أبعد مدى للقوة وحازم إلى أبعد حدود الحزم كل ذلك حيث يتطلب الموقف شدة وقوة وحزما

وهو في الصبر قمة وفي الشجاعة يطأطئ الأبطال رؤوسهم بين يديه اكبارا لشجاعته كما أنه يحتل القمة في رحمته كما في سائر أخلاقه.وتجد عيناه تفيضان دمعا وهو يبكي

رحمة لمريض يعاني من علته أو فقير افتقر أو يتيم فقد أباه، بل ان نفسه العظيمة تنفجر رحمة حتى للحيوان اذا نزل به ظلم أو أذى (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ

عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).كانت حياته صلى الله عليه وآله رسالة كلها تتمثل فيها معالم الرسالة ومفاهيمها لتكون التجسيد الحي الذي يتحرك

فيجد الناس الرسالة في صورة إنسان ولهذا كانت حياته قدوة وشريعة فكانت أفعاله كأقواله دروسا إسلامية عملية.