خطبة الشيخ علي حسن غلوم حول الامام زين العابدين عليه السلام


ألقيت في 23 يناير 2009

ـ في سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام آفاق عديدة على مستوى العقل والروح والعطاء، وقد استطاع الإمام من خلال ذلك أن يأسر قلوب عامة الناس وأن يفرض هيبته حيثما حلّ، لا من خلال العناوين التي كان يحملها فحسب (النسب والعلم) بل من خلال أخلاقه وروحيته وإنسانيته.
ـ بل كان يعتبر من الخطأ أن يستفيد من العناوين التي كان يحملها، فقد روى الصدوق في العيون بسنده عن الصادق عليه‏ السلام (كان علي بن الحسين عليهما السلام لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرة مع قوم فرآه رجل فعرفه و قال لهم هذا علي بن الحسين، فوثبوا إليه فقبلوا يده و رجله و قالوا يا ابن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنم لو بدرت منا إليك يد أو لسان أما كنا قد هلكنا؟ فقال: إني سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ما لا أستحق فصار كتمان أمري أحب إلي). وفي مناقب ابن شهرآشوب قال: (أكره أن آخذ برسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ما لا أعطي مثله).
ـ والمسألة صعبة، احترام وتقدير وطاعة وتيسير أمور وسمعة في الآفاق وتكالب وسائل الإعلام، وكلها تبعث إلى فقدان الاتزان في الشخصية، ونفوذ حالة العجب والاستكبار على الآخرين، وما يترتب على ذلك من فعل وقول.. فما السبيل إلى معالجة ذلك؟ بعض الصوفية ابتكروا طريقة تحقير الذات ودفع الآخرين لإهانتهم (السرقة) (الملامتية)
ـ الإمام زين العابدين يقدم المعادلة: (وأعزني ولا تبتلني بالكبر، وعبِّدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجْر للناس على يديّ الخير ولا تمحقه بالمن وهب لي معالي الأخلاق واعصمني من الفخر.. اللهم صل على محمد وآله ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها ولا تُحدث لي عزا ظاهرا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها).
ـ تربية للنفس ومراقبة للسلوك ومعالجة لبعض المواقف كما جاء في وصية النبي لعلي: (إذا أثني عليك في وجهك فقل: اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون).