الحسين وارث الأنبياء - عمار كاظم

ها هو الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وابن الصديقة الطاهرة بضعة النبي فاطمة الزهراء عليها السلام، يحمل سيف جده رسول الله وبين جنبيه قلب علي وبيده راية الحق وعلى لسانه كلمة التقوى، يقف أمام جموع العسكر التي أولغت في الجريمة واستحوذ عليها الشيطان ولم تفكر إلا بقتل الحسين والتمثيل بجسده الطاهر. حمل سيد الشهداء سيفه وراح ينازل الفرسان ويواجه ضرباتهم بشجاعة فذة وهو يخاطب الجموع التي جاءت لقتله: (ويلكم إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا أحراراً ذوي أحساب. امنعوا رحلي وأهلي من طغاتكـم وجهّالكم).
واستمرت ضربات الرماح والسيوف تمطر جسد الحسين حتى عانق عليه السلام صعيد الطفوف واسترسل جسده الطاهر ممتداً على بطاح كربلاء لينتصب من حوله مشعل الحرية والكفاح، ويجري من شريان عنقه شلال الدم المقدس. الإمام الحسين عليه السلام رجل العقيدة والمبدأ سبط النبي وريحانة الزهراء قد أمسى مقطّع الأوصال ممزّق الأعضاء وتتناثر أجساد الشهداء من أهل بيته وأصحابه في رحاب الميدان، هذه الجريمة البشعة في حق سبط رسول الله التي امتلأت حقداً ووحشية، هذه الجريمة التي قطعت غصناً من شجرة النبوة لتثكل الزهراء بابنها العزيز الحسين عليه السلام، ويُفصل الرأس عن جسده ويحمل هدية للطغاة الظالمين، رأس الحسين عليه السلام الذي طالما سجد مخلصاً لله تعالى وحمل اللسان الذي ما فتئ يردد ذكر الله وينادي (لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد).. رأس الحسين عليه السلام الذي حمل العز والإباء ورفض أن ينحني للطغاة أو يطأطئ جبهته للظالمين.
وقفت بطلة كربلاء أمام هذا التحدي الكبير ودماء الحسين عليه السلام تجري أمام عينيها، وقفت زينب عقيلة بني هاشم بنت أمير المؤمنين، بنت الزهراء، أخت الحسين، وقفت موقفاً بطولياً شامخاً شجاعاً أمام الجموع المحتشدة قئلة: (ويلكم أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم وأي حرمة انتهكتم؟ فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البداء ولا يخاف الثأر وإن ربكم لبالمرصاد).. هذه زينب بنت علي المرأة التي حملت راية الثورة والتعريف بأهداف الحسين عليه السلام، المرأة الصابرة على قضاء الله المؤمنة بأهدافه المجاهدة في سبيل الله تقف في وجه الطاغية لتقول له: (اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا.. وحسبك بالله حاكماً وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً وبجبرئيل ظهيراً وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين.. بئس للظالمين بدلاً وأيكم شرٌّ مكاناً وأضعف جُنداً.. فكد كيدك واسع سعيك وناصب جَهدك فولله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ويرحض عنك عارُها. وهل رأيك إلا فند؟ وأيامك إلا عدد؟ وجمعك إلا بدد؟ يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين).
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث علي ولي الله، السلام عليك يا سيد الشهداء وعلى سائر المستشهدين بين يديك.