خطبة الشيخ علي حسن غلوم حول أخلاق النبي محمد


ألقيت في 20 فبراير 2009

ـ تعزية في ذكرى رحيل النبي الأكرم، وبهذه المناسبة أذكر طرفاً مما ذكر من أخلاقه.
كان قبل النبوة أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم مخالطة وأحسنهم جوارا وأعظمهم حلما وأمانة وأصدقهم حديثا وأبعدهم من الفحش والأذى وما رئي ملاحيا ولا مماريا أحدا حتى سماه قومه الأمين لما جمع الله من الأمور الصالحة فيه. وأما صفته بعد النبوة: يشيع الجنائز ويعود المرضى في أقصى المدينة يجالس الفقراء ويؤاكل المساكين ويناولهم بيده و يُكرم أهل الفضل في أخلاقهم ويتألف أهل الشر بالبر لهم. يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله، ولا يجفو على أحد. يقبل معذرة المعتذر إليه، وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القرآن أو تَجْرِ عِظة. وربما ضحك من غير قهقهة، لا يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا في ملبس، ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة، ولا لاموا أحدا إلا قال: دعوه. لا يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إلا قام معه في حاجته. ولا يجزي بالسيئة السيئةَ، ولكن يغفر ويصفح. يبدأ من لقيه بالسلام وإذا لقي مسلِماً بدأه بالمصافحة. وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه وقال ألك حاجة؟ وكان يجلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك. وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، وكان يُكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط له ثوبَه، ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته. وكان في الرضى والغضب لا يقول إلا حقا، وكان يمزح ولا يقول إلا حقا. وكان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار ومما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته. و كان يسأل عن أصحابه فإن كان أحدهم غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده. وإذا لقيه الرجل فصافحه لم ينزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، وإذا لقيه أحد فقام معه أو جالسه أحد لم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه. صلى الله عليه وآله.
ـ ونقول كما قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو يلي غسله وتجهيزه: بأبي أنت وأمي لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء . ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك، ولكنه ما لا يُملك رده ولا يُستطاع دفعه. بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك.