ومضات من حياة أمير المؤمنين - عمار كاظم

استقبل علي عليه السلام التكليف الإلهي للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة الإلهية بالتصديق واليقين، وبادر لتلقي التوجيهات النبوية بروحه ووعيه وكل جوارحه، وكان الأخ والوصي والوارث لرسول الله منذ الأيام الأولى للدعوة عندما تلقى رسول الله أمر ربه الأعلى بإنذار عشيرته الأقربين ومما جاء في خطابه صلى الله عليه وآله: (شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني عليه وعلى القيام به يكن أخي ووصي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي).. تعامل علي عليه السلام مع الخلافة حسب ما تحكم به المصلحة الاسلامية حفظاً للإسلام وحماية للجماعة الاسلامية من التمزق والضياع وتحقيقاً للمصالح الإسلامية العليا التي جاهد أجلها حتى قال عليه السلام: (فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد فخشيت أن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة بها علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق الباطل واطمأن الدين).
علي عليه السلام في خلافته وحكمه وهو في موقع القيادة يعيش كواحد من عامة الناس فيلقي الحواجز والألقاب ويعامل الأمة كما لو كان واحداً من عامتها بقلب حان ونفس متواضعة وحب صادق عميق كانت قيادته عليه السلام مبنية على الحب والإجلال. جسّد علي عليه السلام العدالة الاجتماعية في دنيا الناس ودشن خططه الاصلاحية ليوفر الجو المناسب لتطبيق المخطط الاسلامي في العدالة الاجتماعية وتبنى سياسة العدل الشامل في معاملة أفراد الأمة وفي منهج الحقوق وفي توزيع المسؤوليات، فملأ عليه السلام دنيا المسلمين قسطاً وعدلاً وحقّق انقلاباً في واقعهم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفقاً لمقتضيات العدل الإلهي، باع أمير المؤمنين عليه السلام نفسه لله تعالى وعاش مع الله تعالى في كل أوقاته عامرة بذكره وخدمته مرشداً للخير دالاً على المعروف محدداً سبل الهدى مبيّناً طريق النجاة داعياً لإقامة حدود الله تعالى وحفظها محذراً من الهوى والنكوص عن حمل الرسالة الإلهية وقد حمل لنا إرثاً كبيراً من كتبه ومواعظه وإرشاداته وتوجيهاته: (أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله فإن الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل). هذا هو علي عليه السلام الذي نعتز به ونقتدي بهداه ونسير على خطاه من خلال جهاده العظيم وعلمه الجم وعدله الذي أكده في كل مواقع حياته وإخلاصه لله وللإسلام.