ليش...؟ - الشيخ علي حسن

ابنتي (فاطمة الزهراء) لم تكمل الثالثة من عمرها بعدُ، ولكنها في الآونة الأخيرة لا تفتأ تسأل عن كل شئ (ليش؟ منو؟ وين؟ .. إلخ) وبعشرات الأسئلة في اليوم الواحد، وكأنها تريد أن تعرف ـ في فترة قياسية ـ كل ما هو موجود حولها، وكل ما يدور في الأجواء التي تعيشها، أو الكلمات التي تسمعها.
إلحاح ورحابة صدر:
هذه الرغبة الملحة في المعرفة من خلال جولان الأسئلة في الذهن تمثل الحالة الطبيعية للطفل في مثل هذا السن، ففي مرحلة طفولته وخاصة المبكرة منها (3-6) يتسم برغبته بالاستزادة العقلية، ويزيد شغفة بمعرفة الأشياء من حوله والتي تثير انتباهه، ويتزامن ذلك مع نمو ذكائه وزيادة قدرته على التعلم، وكذلك زيادة قدرته اللغوية فهو يجد فيها وسيلة لغوية للتعبير عن أفكاره ومن ثم سماع الإجابة الصحيحة والتي تزيد من لغة الفهم عنده، حيث يبدأ عنده في هذه المرحلة أيضاً تكوين المفاهيم، من هنا يكون من الطبيعي جداً كثرة التساؤلات لدى الطفل، حتى أن علماء النفس يطلقون على هذه المرحلة مرحلة الأسئلة (ما- لماذا- متى- أين).
ويقرر أصحاب الاختصاص أنه من الضروري استقبال تلك الأسئلة برحابة صدر، والإجابة عليها بطريقة تناسب عقل الطفل، الأمر الذي سيؤدي إلى المساهمة في الارتقاء بعقل الطفل ومعارفه، ومساعدته على التواصل اللغوي، وتطور نموه الاجتماعي من خلال تقبّله والحوار معه.
تقهقر السؤال:
الغريب في الأمر أن هذا الطفل بذاته، وفي مرحلة لاحقة من عمره يتحاشى السؤال، وكأنه يمتلك المعرفة الكاملة في كل شئ، وأنه غني عن السؤال عن كل شئ.. حتى تلك التي هو بأمس الحاجة لمعرفتها، ولكنه يتحاشى السؤال أو لا يبذل جهداً في ذلك.. وتمر العشرات من المعلومات غير الواضحة أو غير الكاملة دون أن يستفيد منها الفائدة الممكنة بسبب تجنب السؤال.
ويبدو أنه كلما تقدم السن بالإنسان كلما قلت لديه الرغبة في التساؤل، ليخسر بذلك مورداً مهماً من موارد المعرفة بالنسبة إليه، لاسيما بلحاظ أن السؤال قد يفتح آفاقاً كثيرة لمزيد من الأسئلة وبالتالي المزيد من المعرفة أو حل المشكلات أو القضايا العالقة. ولعل ذلك يعود إلى الخجل أو الرغبة في التعالي على الواقع أو بسبب ردة الفعل السلبية التي يلقاها من المسؤول، كالاستهزاء أو الاستهانة، أو للتكاسل أو لانشغال الذهن .. إلخ.
نصوص دينية حول السؤال:
ـ قال تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ومنها : ولا يستحي جاهل أن يسأل
ـ عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (العلم خزائن ومفتاحها السؤال، فاسألوا يرحمكم الله فإنه يؤجر
فيه أربعة: السائل، والمعلم، والمستمع والسامع والمحب لهم).
ـ وعنه صلى الله عليه وآله سولم: (السؤال نصف العلم).
ـ عن الإمام علي عليه السلام: (سل عما لابد لك من علمه ولا تُعذَر في جهله).
ـ وعنه عليه السلام: (إذا سألت فاسأل تفقهاً ولا تسأل تعنّتاً، فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وإن العالم
المتعسف شبيه بالجاهل).
ـ بالمناسبة كلمة (ليش) عربية، فقد جاءت من (لأي شئ)، وتم اختصارها بكلمة (ليش).