دليل الوقت في القرآن الكريم - 3

ثالثاً، اختلاف الليل والنهار:
قال تعالى: {وَجَعَلْنا الليلَ لِبَاساً، وجَعَلْنا النّهارَ مَعاشاً} النّبأ:10-11.
التطبيق الحياتي: قسّم الله أوقاتنا بلُطفه وحكمته، فوقت للعمل والنشاط والجِدّ والاجتهاد والكسب والتحصيل، ووقت للراحة والاستجمام.
جعل الليل لنسكن فيه، وخصّص النهار لنبتغي فيه من فضله، فالنهار (نشور) لانتشار الناس فيه طلباً للرِّزق، والليل (سَكَن) لانقطاع الحركة والرّكون أو الخلود الى الراحة والنوم.
هذا هو التقسيم الحكيم والحكمة من اختلاف الليل والنهار، لكنّنا نجد للأسف مَن قلبَ الآية، فجعل الليل نهاراً والنهار ليلاً، وقد يُعذَر مَن يعمل في الليل ان لم يجد فرصته للعمل بالنهار، ولكن من أين نجد العذر للذين يمضون الليل بالسهر والثرثرة، واللعب، بل التكالب على الملذّات المحرّمة؟
لقد خُصِّص السّهرُ لأعمال نافعة ومهمّة، كالحراسة، والعبادة، وطَلَبِ العلم، أمّا ان يبقى الانسان ساهراً يخوض مع الخائضين، فهذا وقتٌ عليكَ وليس لك، ولذلك جاء في الخبر: (الليل والنهار يعملان فيكم أي بالهَدْم فاعملوا فيهما أي بالبناء).

رابعاً، اغتنام الأوقات الثمينة:
قال تعالى: (ليلةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ) القدر:3.
التطبيق الحياتي: من نِعَم الله تعالى علينا ان نجعل لنا من أيّام حياتنا أو سنَتنا أوقاتاً يُضاعف فيها الحسنات، ويمحو السيِّئات، ويجزل فيها العطايا والنفحات.
ومن ذلك شهر رمضان المبارك، الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضلُ اللّيالي، وساعاته أفضل الساعات).الى ان يقول: (شهرٌ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهْر).
انّها الأوقات الاستثنائيّة، أو التّعويضية، فكأنّ وقت (الصلاة) فرصة لتدارك ما قبلها، ووقت (الجمعة) فرصة لتدارك الأسبوع، و(شهر رمضان) فرصة لتدارك السنة، و(الحج) فرصة لتدارك الهدر في العمر كلّه.
في الحديث: (انّ لربِّكم في أيّام دهركم نفحات، فتعرّضوا له لعلّه ان يُصيبكم نفحة منها، فلا تشقون بعدها أبداً).