الإمام الجواد

هو الإمام محمد (الجواد) بن علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) عليهم السلام المولود في العاشر من شهر رجب عام 195هـ في المدينة المنورة والمكنى بأبي جعفر، وروى الشيخ محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد في كتابه (الإرشاد): (وكان المأمون قد شُغِف بأبي جعفر عليه السلام لِما رأى من فضله من صِغَر سنِّه، وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوِه فيه أحدٌ من مشايخ أهل الزمان، فزوّجه ابنته أمَّ الفضل وحملها عليه السلام معه إلى المدينة، وكان متوفِّراً على إكرامه وتعظيمه وإجلال قَدْره. ورغم صغر سنِّ الإمام الجواد عليه السلام والذي عاش حوالي الخمسة والعشرين سنة، فقد روى عنه جمعٌ من العلماء، وقد عدّدهم العلامة السيد محسن الأمين رحمه الله في كتابه (أعيان الشيعة).
الكفالة الإلهية:
من كلماته عليه السلام: (كيف يضيع مَنِ الله كافلُه، وكيف ينجو منِ الله طالبُه. ومَنِ انقطع لله وكّله الله إليه، ومن عمل على غير علم كان ما يُفسد أكثر مما يُصلح. مَن أطاع هواه أعطى عدوّه مناه).
إنه عليه السلام يتعجّب من تصوّرات بعض النماذج من الناس، فهناك الذي يوحي لنفسه بالضياع والحيرة والتمزق في عملية سقوط أمام احتمالات الحاضر والمستقبل، فيتعجب كيف يضيع وهو المخلوق الذي كفله الله في رزقه وفي كل تفاصيل حياته في نطاق النظام الذي أودعه الله في السنن الكونية والتاريخية.. إنّ المؤمن لا يشعر بالضياع، بل الكافر هو الذي يشعر بالضياع، لأنّ المؤمن الذي يؤمن بأن الكون في رعاية الله لا يفكر بالضياع.
وهناك الذي يهرب من ربه ويشعر بأنه قادر على النجاة منه بفعل ما يملكه من القوة من خلال الوسائل المتجمّعة عنده، ولكنه لا يفكر بأن الله المهيمن على الكون كله في الحاضر والمستقبل لا يفلت منه أحد ولا ينجو منه مطلوب.
وهناك الذي يكل أمره إلى الله وينقطع إليه ويقطع أمله من كل مَنْ عداه، فإنَّ الله يكله إليه، فهو حسبه وبه الكفاية وعليه التكلان.
وهناك الذي ينطلق إلى العمل من دون تخطيط لخطوطه ومفرداته ومراحله على أساس العلم الذي ينفتح عليه، فإنه سوف يتعرض للفساد بفعل حالة التخبط في السير على غير هدى أو كتاب منير، لأنَّ الجهل سوف يقود صاحبه إلى ما يفسده وهو يفكر أنه يصلحه، فتكون نتائج الفساد عنده أكثر من نتائج الصلاح.
وهناك الذي يخضع لهواه، فلا يتحرك من قاعدة إيمان ومن منطق عقل، فهذا هو الذي سوف يوقع نفسه في قبضة التيه وفي مواطن الهلاك، وبذلك فإنه يحقق لعدوه ـ وهو الشيطان ـ أمنياته في إبعاده عن مواقع رضوان الله وعن الجنة، بإيقاع نفسه في المعصية التي هي سرّ هلاكه.