خطبة الجمعة ـ الشيخ علي حسن ـ الخطبة الأولى ـ مواجهة الوساوس


ـ في ذكرى العاشر من شهر رجب ذكرى المولد المبارك لتاسع أنوار الولاية والهداية الإمام أبي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد التقي عليه السلام نتوقف عند هذا الحديث المروي عنه والذي يعالج من خلاله أمراً قد يتعرض له الكثير من الإخوة والأخوات خلال حياتهم الإيمانية.
ـ فعن علي بن مهزيار، قال: (كتب رجل إلى أبي جعفر عليه السلام يشكو إليه لمماً ـ أفكاراً ووساوس شيطانية ـ يخطر على باله، فأجابه في بعض كلامه: إن الله عزّ وجل إن شاء ثبتّك فلا يجعل لإبليس عليك طريقاً. وقد شكا قوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمماً يعرض لهم، لأن تهوي بهم الريح أو يقطّعوا أحبّ إليهم من أن يتكّلموا به، فقال رسول الله: أتجدون ذلك؟ قالوا: نعم. فقال: والذي نفسي بيده، إن ذلك لصريح الإيمان، فإذا وجدتموه فقولوا: آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله).
ـ هناك حالات للقلب يمكن للمؤمن أن يشعر معها بمشكلة إيمانية، وقد تخطر للإنسان خطرات وتصورات تتنافى مع طبيعة هذا الإيمان، فيشعر من خلال ذلك بالإحباط كما لو كان قد كفر أو نافق، أو كما لو كان قد فقد إيمانه، فكيف يعالجه الإنسان المؤمن؟
ـ في هذا الحديث عالج الإمام الجواد عليه السلام هذه المسألة من خلال نقاط:
1. استعن بالله عزوجل واطلب القوة من عنده، فكل الأمور بيده.
2. لستَ متفرداً بهذا الأمر، بل إنه يمتد حتى زمن الوحي ومَن عاصره من المسلمين بحضور رسول الله.
3. انظر إلى الجانب الإيجابي في القضية، فما الذي جعلك تقلق كل هذا القلق عندما خطر ببالك ما خطر؟ وما الذي دفعك للجوء إليّ للسؤال والشكوى؟ وما هو الأمر الذي تؤمن به وتعتبر أن ما جال بخاطرك قد أضر به؟ كل
هذا يدل على أنك نظرت إلى الصورة بالمقلوب.. وأنك تمتلك من قوة الإيمان ما يمكّنك من أن تنطلق من خلاله لطرد الوساوس الباطلة والتافهة.
4. لا تُعر الأمر أهمية كبيرة، فإن مثل هذه الأفكار والوساوس متى ما أهملتَها زالت بذاتها، ومتى ما أكثرت من الاعتناء بها تجذّرت ونمت وتضخمت.
5. إذا غفلت وحدثت لك بعض الهواجس والأفكار، الجأ إلى إيقاظ إيمانك من خلال بعض الأذكار من قبيل (آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله) أو (لا إله إلا الله) كما في الحديث عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: (قال: قلت له إنه يقع في قلبي أمر عظيم. فقال عليه السلام: قل لا إله إلا الله. قال جميل: فكلما وقع في قلبي شيء قلت:لا إله إلا الله، فيذهب عني) ولا تنس قول الله عزوجل: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) الأعراف:201.
ـ السلام على مولانا الإمام محمد بن علي الجواد، الغصن من أغصان الشجرة النبوية الطيِّبة، والفرع من الدوحة الهاشمية المحمدية المباركة، الإمام التاسع والنور الساطع والبدر الطالع، المنتجب لهداية العباد، والمجتبى لإرشاد العباد، الزكي ابن الطيبين، والتقي ابن المطهَّرين ورحمة الله وبركاته.