أيها الأحبة ـ 25

في حفل التأبين: لو قدّر لك أن تلقي كلمة في الحفل التأبيني الذي يقام لسماحتكم ـ بعد عمر طويل إن شاء الله ـ ماذا يمكن أن تقول؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: إنّ هذا الإنسان عاش حياته منفتحاً على الرسالة منذ أن فتح عينيه على الحياة، وعمل على أن يتحرّك في خطوطها حتى في بداية طفولته أو في مقتبل طفولته وشبابه، وعانى وتألّم في درب الرسالة، وكان يحاول أن يكون صادقاً وأن يكون مخلصاً، وربّما كانت النفس الأمّارة بالسوء تأخذ عليه ما يأمله، ولكنّه أكمل الرسالة بحسب طاقته، وواجه الكثير من العنت والتعسّف مّما يواجه الرساليّين. وكان في كلِّ حياته منفتحاً على الله ويأمل برحمة الله.
كنت أقول للناس: إنّ عليهم أن يدرسوا تجربته، لأنَّ تجربته كانت تجربه واسعة عميقة ممتدّة في خطوط الرسالة. كانت تاريخاً قد يحمل السلب والإيجاب، ولكنّه لم يكن فيه شئ لغير الرسالة، وربّما لا يلتقي الناس بتاريخ معاصر، في شخص معاصر، بمثل هذا الغنى وبمثل هذه الصدمات.
لذلك، فإنّني في حديثي هذا أقول للرساليّين: حاولوا أن تفهموا جيّداً، فإذا كان البعض لم يفهمني في حياتي، لأنّ التهاويل والانفعالات والتعقيدات قد حجبت وضوح الرؤية، ولكنْ عندما يغيب الإنسان عن الساحة ويشعر الآخرون بالأمن من تعقيدات وجوده عليهم، يمكن أن يفهموه أكثر وأن يستفيدوا من تجربته أكثر.