حكم ـ العلم والعمل

روضة العقلاء
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (الحكمة روضة العقلاء، ونزهة النبلاء).
الحكمة هي التي تكفل للإنسان الرؤية الواضحة من خلال الفكر المتّزن الهادئ، وهي مزيج تتفاعل فيه المعلومات بالواقع الحركي للإنسان في الحياة، فتجعل من الفكر عنصراً متجدداً يلاحق الحياة في كل آفاقها وأفكارها وخطواتها، ليأخذ منها الرأي السديد والفكرة الصائبة، والأسلوب العملي الذي يحقق له وللآخرين ما هو أفضل وأليق.. ومن خلال ذلك، تبرز لنا الشخصية الحكيمة التي تفكر بحساب، وتتحرك بحساب، وتلجم الانفعال والحماس والفوضى النفسية بلجام من فكرٍ وعقلٍ واتّزان.. إن الحكمة ـ بالنسبة إلى العقلاء ـ حركةٌ فاعلة في الحياة، فيها من صنوف الجمال والراحة ما تهفو إليه نفوسهم، تماماً كما تهفو النفس للتنزه في البساتين الجميلة والرياض النضرة.

جمال العلم
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (جمال العلم نشره).
سنّة الحياة تتمثل في أن يقدّم كل جيل للجيل القادم تجاربه ومعارفه والعلوم النافعة التي توصّل إليها، ومن مسؤولية كل من يحمل شيئاً من العلم النافع أن يسعى لتقديمه للآخرين، فالعطاء في حد ذاته جميل.. والعطاء الجميل لا يكون بالمال وحده، بل قد يكون بالنصح، وقد يكون بالموقف المناسب، وقد يكون بتقديم العلم.. ولا يشترط أن تكون عالماً بمستوى المشاهير لكي تعطي من علمك.. بل يكفيك أن تحمل شيئاً من العلم ـ ولو كان بسيطاً ـ لتجمّله من خلال العطاء الذي لربما يفتح للآخرين أبواب إثرائه وإنمائه إلى مديات لم تكن بحُسبانك، فتشاركهم في الخير الذي قدّمته وأنت تحسب أنه يسير.

العلم والعمل
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (جمال العالم عمله بعلمه).
للعلماء القيمة الرفيعة التي لا ينازعهم عليها أحد، ويعود ذلك إلى عدة عوامل من بينها إدراك الناس لأهمية العلم الذي يتعاهده العلماء، والتضحيات والجهود التي يبذلونها من أجل الحصول على هذا العلم وتطويره، والخدمات الجليلة التي يقدّمونها للبشرية في التنمية المعنوية والمادية.. إلا أن هذه الصورة الإيجابية للعلماء قد تتغير ـ بنسب متفاوتة ـ فيما لو تبيّن عدم التوافق بين ما يحمله العالم من علم، وبين ما يعمل به، لاسيما في القضايا ذات الأبعاد المعنوية، لأن من أبجديات العلم وحملِه أن يكون حاملُه أوّل العاملين به، وإلا فإنه سيُحكم عليه بالنفاق وعدم التوافق مع الذات، أو بخطأ ما يحمله من علم أو ما يلتزمه من منهج في الحياة، أي انتفاء مصداقيته أو مصداقية ما يقدّمه للناس.