بايعتُ ذكراكَ - الشاعر جاسم الصحيّح

قد اصْطَفاَكَ السَّناَ واختارَكَ الأَلَقُ ... فكيف يسمو إلـى تكوينِكَ، العَلَقُ!
يا بصمةَ اللهِ في أبعادِ كوكبِهِ ... حيث الفضاءُ كتابٌ والـمَدَى وَرَقُ
ما كنتَ في العُمْقِ من أحشاءِ (آمنةٍ) ... لَحْماً على عَظْمِهِ ينمو ويَتَّسِقُ
بَلْ كنتَ أعمقَ أسراراً مُقَدَّسَةً ... من نطفةٍ بمياهِ الـخَلْقِ تَصْطَفِقُ
سِرٌّ يَلُفُّكَ في سِرٍّ، وما بَرِحَتْ ... عليكَ دائرةُ الأسرارِ تنغلقُ
بايعتُ ذكراكَ فانْساَبَتْ لـها عُنُقي ... والبيعةُ الحقُّ لا تُلْوَى لـها عُنُقُ!
****
عفواً نبيَّ الـهُدَى.. عفواً إذا عَبَرَتْ ... جسرَ القوافي إلى فردوسِكَ، الـحُرَقُ
واعذرْ بيانـي إذا أبصرتَ بَذْرَتَهُ ... تنشقُّ عن نبتةِ الشَّكوَى، وتنفلقُ
ذكراكَ تُوشِكُ بالأضواءِ تختنقُ ... شمسٌ وليس لها في حَجْمِهاَ أُفُقُ
أسطولُ فجرٍ وراءَ الغيبِ مُحْتَجِبٌ ... ضاقَتْ بمينائِهِ الأرواحُ والـحَدَقُ
مَنْ لـي بنجواكَ والنجوَى تُؤَرِّقُني ... حَدَّ العذابِ، وحولـي أُفْقُها نَفَقُ
أُنْبِيكَ : ما زال هذا الكونُ محكمةً ... تقضي بتقطيعِ أيدي غير مَنْ سَرَقوا
والجرحُ في جوهرِ الإنسانِ ما بَرِحَتْ ... دماؤُهُ باتِّساعِ الأرضِ تندفقُ
هَوِّنْ عليكَ فكمْ حاولتَ ترتقُهُ ... بالمعجزاتِ ولكنْ ليسَ ينـرتقُ
ما ارتابَ خيطُكَ في إيـمانِ إبرتِهِ ... مُذْ وَسَّعَ الجرحَ مَنْ شَقُّوا ومَنْ فَتَقُوا