حكم ـ علم مضل

صفة العاقل
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: (العاقل إذا سكت فكّر، وإذا نطق ذكّر، وإذا نظر اعتبر).
إدراك العقل الإنساني بأن وجود صاحبه محاط بالمسؤولية على مستوى الفكر والفعل والقول يدفعه إلى أن يكون متأنياً ودقيقاً على هذه المستويات، لما لها من تبعات إيجابية أو سلبية. ولذا كان السكوت بالنسبة إليه فرصة للتدبر والتفكير الإيجابي، لأن الفراغ والتفكير العابث لا يتناسبان وعقله.. وكان الكلام بالنسبة إليه وسيله للإفادة من منطلق إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية.. وكانت التجارب بالنسبة إليه حقلَ معرفةٍ متجددةٍ في الحياة، تثري خبراته، وتزيده نضجاً عقلياً ومعرفياً وعلى مستوى السلوك.

فرامل النفس
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: (النفوس طَلِقة، لكن أيدي العقول تمسك أعنتها عن النحوس).
قيمة الإنسان ترتقي من خلال مدى حركية عقله في الحياة، وبمقدار ما يُعقلن الإنسان مسؤوليته وعاطفته وغريزته، لأن المادية التي تعيش في داخل الغريزة، قد تقتل الإنسان عندما تنحرف غريزته عن مسارها العقلاني الطبيعي لتهلك واقعه. وإذا كان من طبيعة الإنسان الحاجة إلى الغريزة لضمان استمرارية الحياة وحيويتها، فإن التوازن في حركتها وواقعها بحاجة إلى العقل، وإلا فإنها قد تجمح لتورده موارد غير محمودة، وربما نهايات لم يكن يتمناها لنفسه أبداً.

علم مضل
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: (كل علم لا يؤيّده عقل مضلة).
مسارات المعرفة في الحياة متعددة، فيها ما هو نافع، وما هو ضار، وما هو مزيج منهما.. ما هو حقيقة، وما هو خرافة.. ما هو كمال للإنسان، وما هو ضعة له.. ولذا كان الإنسان في حاجة إلى يعقلن الفكر والمعرفة حتى لا يضيع في متاهات مساراتها العديدة، أو يكون سبباً في الإضرار بنفسه أو بالآخرين، ولكي لا ينطلق من السطح، بل من العمق، وحتى لا يختلط الحق بالخرافة، فيرفضهما معاً. ومن هنا تنطلق أهمية عقلنة وعينا للدين وتصوّرنا له من خلال الفهم العقلاني المتوازن، الذي يجعلنا نفهم الدين بجذوره العقلية والفكرية، دون أن نجد فيه ما هو متصادم مع حكم العقل القاطع.