أيها الأحبة ـ 16

نستعرض فيما يلي القسم السادس عشر من الحوار الذي أجري عام 2000 مع المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله قدس سره، وهو بمثابة مجموعة من الأفكار والوصايا التي تتناول القضايا الحياتية المختلفة، وقد تم نشرها أخيرا في كتيب تحت عنوان (أيها الأحبة)، وبدورنا ننشر مختارات منها في حلقات:
س: في الحياة عشتَ الحب الدافئ لكل إنسان أقبلت عليه بقلبك وروحك وحركتك، ما الذي ستعطيه لهؤلاء في ذلك اليوم؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: إذا كان لدي ما أعطية فسأعطيه الحب من جديد، حب الأخوة، وحب الله الذي نلتقي عنده جميعاً، وحب الإسلام الذي يضمنا جميعاً. إن إحساسي بالحب هو إحساسي بإنسانيتي، ومن الطبيعي ألا أفقد إنسانيتي هناك.
س: لو أذن الله تعالى لك بالشفاعة هناك فلمن ستشفع؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء:28. إنني سأتطلع إلى مستوى الإذن وحجمه هناك، وفي القرآن الكريم يقف العبد الصالح في العالم الخلود فيقول (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) يس:26-27.
س: ماذا يمكن أن تقول هناك؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: إذا قدر الله لي أن أكون في هذه المرتبة، فسأقول نفس القول، لأني لا أجد نفسي أحمل حقداً لأحد، حتى الذين يختلفون معي في الفكر، لأنّي أحب لهم أن يهتدوا إلى الله، وأن ينفتحوا عليه، وأن يتقوه ويلتزموا بخطه.. ولذلك فإذا رزقني الله ذلك، فإنني سأقول: ( يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
س: حين تلتقي بالمرحلة التي تلي الموت مع مَن ظلمك، هل تعفو أو تقتص؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: عندما أحس بالعطف في حياتي الآن، كيف يمكن أن أفكر بالانتقام في الحياة التي أحتاج فيها عفو الله، على هدي الكلمة الواردة في دعاء أبي حمزة الثمالي، المنسوب للإمام زين العابدين عليه السلام: (اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا). إنني من جانب الحق الشخصي، عفوت عن هؤلاء من الآن، ولكن الحق العام بيد الله، لأن هؤلاء في كل ما قالوه وفعلوه أساءوا إلى الأمة.