لن تسقط غزة ـ مقال للشيخ علي حسن غلوم

لن تسقط غزة..

لأن السقوطَ خضوعٌ وذل واستسلام..

انسلاخٌ عن الهوية..

وقبولٌ بالاحتلال..

وانسحاقٌ أمام أهوائه..

وتسليمٌ لعربداته..

***

لن تسقط غزة..

فروحُ المقاومة باقية..

تدبُّ في جسد شعبها..

وتُنجبُ ليوثاً لا تستكين لِـعَرين..

ولا تركنُ لمُداهن..

ولا تعرِفُ للهوانِ سبيل..

***

لن تسقط غزة..

وإن احتلَّها العدوان..

وإن جالت دباباته في شوارعها الضيقة تطحن عظام الأطفال..

وإن حامت على عرشها طائراته تصك الأسماع بأزيزها المقزز..

وإن خنقوا الهواء وحبسوا الماء وقطعوا الكهرباء..

***

لن تسقط غزة..

بل ستبقى عنواناً للشموخ والإباء..

وستلاحق لعناتُها كلَّ مَن خذلها..

وجلس على أريكته الوثيرة..

يُقشـِّر عن جسده..

آلام خسائره في صالات المراهنين على جسدها الممزَّق..

وسط صرخاتهم: "ستسقط في الجولة الثالثة"..

"زد الرهان.. في الجولة الرابعة"..

"لا بل في الخامسة"..

***

لن تسقط غزة..

أبداً..

ففي صدور فتيانها زئير الأسود..

ومن عيونهم تتطاير براكين الغضب..

وعلى مناكبهم صواريخ الرعب..

وفوق إرادتهم تتكسر قيود الاحتلال..

***

لن تسقط غزة..

كما لم يسقط الحسين..

في يوم كربلاء..

وإن احتضن جسدَه التراب..

ودكدكوا أضلاعه بحوافر الخيل..

واحتملوا رأسه على أسنَّة الرماح..

وانتهكوا حُرَمَه في وضح النهار..

***

لم يسقط الحسين..

بل بقي شامخاً في العقول..

وفي القلوب..

ومع كلِّ خطوة يخطوها ثائر..

وكلِّ صرخةِ حقٍّ في وجهِ سلطانٍ جائر..

وكلِّ رصاصةٍ تمزِّقُ صدورَ المجرمين..

وتُرعبُ قلوبَ الظالمين..

وتُزلزلُ عرشَ فرعون..

وهامان..

والدهاقين..

***

لم يسقط الحسين..

بل سيبقى عزيزاً..

يثبِّت أقدام الثائرين على الظلم..

ويكتب عنوان الشهادة على جبين الأحرار..

ويرسم بدمِه أوسِمةَ العارِ على صدورِ اللاهثين وراء السراب..

وينفخُ في الصُّورِ ليحَطِّم كلَّ (هاشوفار)..

و(ماجين)..

و(مينوراه)..

***

لم يسقط الحسين..

ولن تسقط غزة..

بل عاش الحسين..

أبيـّـاً خالداً..

وستعيش غزة..

عنواناً للصمودِ والعزة..



توضيح:

(هاشوفار: قرن كبش ينفخ فيه اليهود، وهو من تقاليد أعيادهم)

(ماجين: نجمة داود)

(مينورا: شمعدان أو منارة سباعية، وهي من الرموز اليهودية)

تاريخ النشر 10/01/2009 جريدة الوطن الكويتية ـ صفحة منتقى الجمان